تاريخ دولة المرابطين في المغرب و الاندلس (1) النشأة

تاريخ دولة المرابطين المسلمة المجاهدة التي نشرت الاسلام في القارة الافريقية و اقامت شرع الله في المغرب الاسلامي و الاندلس نشأت الدولة في المغرب على يد الزعيم يحيى بن ابراهيم الجدالي زعيم قبيلة لمتونة...

ذ

طنجة في كتابات المؤرخ عبد العزيز التمسماني في ندوة للمنتدى الثقافي لطنجة

و م ع: نظم المنتدى الثقافي لطنجة نهاية الأسبوع الماضي ندوة حول حضور طنجة في كتابات المؤرخ عبد العزيز التمسماني خلوق، بمناسبة الذكرى الأولى لوفاة هذا المؤرخ المختص في جهة الشمال.وأطر هذه الندوة، التي تدخل في البرنامج السنوي للمنتدى للاحتفاء بأعلام وشخصيات مدينة طنجة، الأساتذة والباحثون زبيدة الورياغلي ومصطفى الغاشي والطيب بوتبقالت، وذلك بحضور أفراد من عائلة الراحل وأصدقائه.وركز المتدخلون، خلال هذه الندوة، على الاهتمام الكبير الذي أولاه الفقيد في كتاباته لجهة الشمال على العموم ومدينة طنجة على وجه الخصوص لدورها في حصول المغرب على استقلاله ودعم رجالاتها لحركة التحرير الوطني ووضعها الخاص كمدينة تحت إشراف الإدارة الدولية خلال فترة الحماية.وكان عبد العزيز التمسماني خلوق ازداد بطنجة سنة 1946، وتابع دراسته الابتدائية والثانوية بها قبل التحاقه بالرباط لمتابعة الدراسات الجامعية، ومنها انتقل إلى فرنسا حيث حصل على دكتوراه الدولة في التاريخ سنة 1985، وهي المادة التي درسها بكل من جامعتي محمد الخامس بالرباط وجامعة عبد المالك السعدي بتطوان.وخلف التمسماني خلوق عدة مؤلفات كما أنجز أبحاث نشرت في العديد من الجرائد والمجلات المغربية والعربية، وقام بإصدار مجلة "دار النيابة" ومجلة "الطنجيون" وترجمة كتابات جرمان عياش، كما كان يلتقي بمستمعي إذاعة طنجة في موعد أسبوعي للحديث عن تاريخ طنجة.

رسالة موجهت إلى والي جهة تازة - الحسيمة - تاونات، عامل الحسيمة

تقدمت جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث برسالة حول موضوع طلب وقف أشغال بناء بموقع المزمة التاريخي بالحسيمة والتي وجهتها إلى والي جهة تازة - الحسيمة - تاونات، عامل الحسيمة وهي على الشكل التالي :
نص الرسالةالجديدة : 16-7-2009إلـــىالسيد والي جهة تازة - الحسيمة - تاوناتعامل الحسيمةرقم : رس-021/2009الموضوع :طلب وقف أشغال بناء بموقع المزمة التاريخي بالحسيمةالسيد الوالي المحترم،لقد تابعنا في جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث منذ السنة الماضية ملف الأخطار المحدقة بموقع المزمة التاريخي (رمزمث) بجماعة أجدير جراء أشغال التهيئة التي أطلقتها الشركة العامة العقارية. وكانت جمعيتنا عملت على التنسيق مع النسيج الجمعوي المحلي وثمن الجميع حسن إصغائكم لمطالب الجمعيات وتعبيركم عن الرغبة في ضمان سلامة مكونات الموقع المعني.واسمحوا لي أن أتوجه إليكم اليوم بطلب التفضل بالتدخل لوقف كل الأشغال التي تهدد سلامة مآثر موقع المزمة وكل ما قد يختزنه من لقى أثرية سوف لن تكون إلا ذات فائدة كبيرة لمعرفة تاريخنا وليس فقط تاريخ منطقة محدودة من بلادنا العزيزة.إن ثقتنا كبيرة في أنكم لا ولن تتوانون في تطبيق التوجيهات الملكية السامية والتي تؤكد حرص جلالته المكين على صون مكونات تراثنا وثقافتنا ومقوماتنا الحضارية والتي لا يمكن التفريط فيها مهما كبر حجم الاستثمارات والمشاريع الإنمائية التي يقودها حفظه الله بنفسه على امتداد ربوع مملكته السعيدة. وإننا ندرك بأن عنايتكم بتراث الجهة التي أمنكم عليها ملك البلاد تستمدونها من فلسلفة وتوجيهات راعي الثقافة والتراث أمير المؤمنين حفظه الله ورعاه. ولذلك، بقدر ما نعتز بالعناية المولوية الكريمة بأقاليم الشمال وبكل أقاليم البلاد، بقدر ما نسجل بفخر واعتزاز رعاية جلالته لكل المكونات والمقومات الحضارية للأمة المغربية قاطبة ضمن حدودها التاريخية المتوارثة.وتأسيسا على هذا، فإننا لا نرى أي مسوغ لتدمير هويتنا الوطنية تحت ذريعة الاستثمارات وخلق مناصب شغل وتحسين ظروف عيش السكان وجلب عدد أكبر من السياح. وبعيدا عن أن نكون أصحاب نظرة متحجرة للتراث، نطالب بتجديد النظرة للتراث ونؤكد باستمرار على كون التراث هو في قلب التنمية، خاصة ببلد كالمغرب. ونأسف لكون الكثيرين ببلدنا يجهلون أو يتجاهلون ما لتدمير معالم تراثنا من تأثير على جلب الاستثمارات وتحسين صورة المغرب على الساحة الدولية. وليس ملف حقوق الإنسان وحده من يرفع أو ينزل صورة بلد ما لدى ساكنة هذا العالم ولدى المؤسسات الدولية.وإذا كنا نضم صوتنا لكل الفعاليات التي تدافع عن ملف المزمة ونحن على تنسيق وثيق معها، فإننا نطلب منكم التفضل بالتدخل الفوري وإعمال سلطاتكم ضمن دائرة اختصاصاتكم قصد وقف الأشغال وحماية موقع المزمة الأثري. وسوف نعمل قريبا إن شاء الله على موافاتكم بملف كامل حول تهيئة معقلنة ومدروسة للموقع ومحيطه بما يخدم التنمية بالمنطقة، تهيئة مندمجة تسير في اتجاه المشاريع الكبرى التي يريدها جلالة الملك لهذه المنطقة العزيزة علينا جميعا. ولنا كامل الثقة في أنكم تشاطروننا مواقفنا وهواجسنا وتطلعاتنا التي تروم خدمة الصالح العام.وتفضلوا، السيد الوالي المحترم، بقبول خالص التقدير والاحترام

"مستقبل المتاحف المغربية في أفق إحداث المؤسسة الوطنية للمتاحف"



بدعم من وزارة الثقافة – مديرية التراث الثقافي - المكتبة الوطنية للمملكة المغربية

تنظم جمعية خريجي المعهد الوطني لعـلوم الآثـار والتــراث الربــــاط و جمعية المبادرة للتنمية
الثقافية وإنعاش التـراث العـــرائش
يوم دراسي :

"مستقبل المتاحف المغربية في أفق إحداث المؤسسة الوطنية للمتاحف"
المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، الرباط
الجمعة 02 أكتوبر 2009

الساعة 9 صباحا افتتاح الأشغال

- كلمة السيد وزير الثقافة (أو السيد الكاتب العام) ؟؟
- كلمة السيد مدير التراث الثقافي،
- كلمة السيد رئيس جمعية خريجي المعهد الوطني لعـلوم الآثـار والتــراث،
- كلمة السيد رئيس جمعية المبادرة للتنمية الثقافية وإنعاش التـراث بالعرائش.

الجلسة الصباحية : تاريخ وواقع المتاحف المغربية
رئيس الجلسة : ذ عبد اللطيف البودجــاي
مقرر الجلسة : ذ محسن الإدريسي العمري الزجــني

الساعة 09 و30د: ذ حسن الشرادي، المتاحف بالمغرب. النشأة وتحديات التدبير،
الساعة 09 و45د : ذ عبد العزيز الإدريسي، واقع المتاحف المغربية،
الساعة 10 و00د : استراحة شاي،
الساعة 10 و30د : ذ يوسف خيارة، من أجل تصور تجديدي لتدبير المؤسسة المتحفية بالمغرب،
الساعة 10 و45د : ذ رشيد البوزيدي، المؤسسة المتحفية، تطور المفاهيم و المعايير طبقا لميثاق إيكوم،
الساعة 11 و00 د – 12 و00 د : مناقشة

الجلسة المسائية : المؤسسة الوطنية للمتاحف ومستقبل القطاع والعاملين به
رئيس الجلسة : ذ محمد كبيري علوي
مقرر الجلسة : منتصر الوكيـــلي

الساعة 02 و30د : ذ عبد القادر الشرقي، مشروع المؤسسة الوطنية للمتاحف، بين الحاجة والانتظارات،
الساعة 02 و50د : ذ عبد الكريم الحديكي : قراءة قانونية في مشروع قانون إحداث المؤسسة الوطنية للمتاحف،
الساعة 03 و10د : ذ عزوز بوجميد، آفاق ومستقبل القطاع المتحفي في المغرب،
الساعة 03 و30د: مناقشة
الساعة 04 و20 د : استراحة

الساعة 04 و45د : تلاوة التوصيات.

تمودة


تأليف : مصطفى غطيس ، سنة 1991
مونوغرافية حول تاريخ مدينة تمودة وتصنيف آثارها ، لقد أثبتت التنقيبات الاثرية في تمودة وجود آثار مدينتين متعاقبتين ، تتشكل الاولى من المدينة البونية المورية التي أسست حوالي 200 قيل الميلاد والثانية عبارة عن حصن روماني شيد وسط المدينة المهدمة ، وتثبت آثار تمودة المستوى الحضري الرفيع الذي بلغته هذه المدينة خلال القرن الاول والثاني قبل الميلاد .
عرفت تمودة المورية تمدنا ونموا سريعين ، وساهم موقعها الاستراتيجي في هذا الازدهار إذ مكن السكان من العمل على بناء وتطوير مدينتهم في مأمن من المخاطر الخارجية ، ونظرا للمزايا المتعددة لموقع المدينة ، عمل الرومان في النصف الاول من القرن الاول ميلادي على تشييد معسكرفوق أنقاض المدينة الاولى المهدمة ، وإستمر هذا المعسكر في القيام بدوره إلى غاية الربع الاول من القرن الخامس الميلادي .

الغرب الاسلامي نصوص دفينة ودراسات


تأليف د. محمد الشريف، سنة 1999.
يصدر هذا الكتاب عن قناعة مفادها أن تجديد كتابة تاريخ الغرب الاسلامي وتطورها مرتبط بمسألتين متداخلين تداخلا جدليا : توفر المادة المصدرية من جهة ، والتجديد المنهجي في معالجتها وإستنطاقها من جهة أخرى .وضمن هذا المنظور ، يبقي المؤلف أضواء كاشفة على بعض القضايا التاريخية والاقتصاديةىوالاجتماعية ) مثل التصوف ، وسك العملة ، والوزان والمكاييل ، والتجارة الصحراوية ، والجالية المغربية بالسودان الغربي ، والاسطول البحري السبتي .... ( إنطلاقا من تحليله لعدد من المصادر المخطوطة الفريدة من نوعها .

سيرة " مولاي عبد السلام " في كتاب


صدر مؤخرا كتاب بعنوان مولاي عبد السلام الوطني المقاوم : قصة ظلم مستدام في حق الرجل وأسرته ، وهو من إعداد إبنه إدريس أبو إدريس . ويقدم الكتاب المحطات الاساسية في تاريخ نضال الوطني مولاي عبد السلام منذ الاربعينيات ومشاركته في الخركة الوطنيةضد الاستعمار إلى جانب عدد من المقاومين والمناضلين . يقع الكتاب في 139 صفحة ، وهو من الحجم المتوسط ، ويقدم إدريس أبو إدريس في هذا الكتاب حياة والده وجوانب من حياته ، متوخيا الكشف عن مسارات النضال الوطني من أجل الاستقلال ، كما تجسدت في حياة مولاي عبد السلام السياسية والوطنية منذ الاربعينات حتى الستينات من القرن العشرين .
ويستند الكاتب إلى مجموعة من الوثائق والمخطوطات والمراسلات المكتوبة بخط اليد ، خاصة باللغة العربية ، في محاولة منه للإحاطة بحياة والده ، حيث يورد النسخ الاصلية من هذه الوثائق ، إضافة إلى عدد من صور والده رفقة عدد من المواطنيين .

المجتمع الأندلسي في القرن الرابع الهجري ( ابن حَيَّان القرطبي )


أنور محمود زناتي - كلية التربية - جامعة عين شمس
عاش ابن حَيَّان (1)القرطبي في الفترة ما بين ( 377 – 469 هـ / 987 – 1076 م ) ، وهي فترة عامرة بالأحداث السياسية حيث شهدت سيطرة الدولة العامرية ، ثم عصر الفتنة ، وسقوط الخلافة الأُمَوية ، وقيام دول الطوائف ، وتفاقم الخطر النصراني ، وتعاظم دور اليهود ، واندلاع النزاعات العرقية والطائفية (2) وجميعها أحداث أثرت بلا شك في خبرته التاريخية وتركت أثاراً واضحة في ثنايا أعماله ؛ حيث رصد وبدقة مرحلة الفتن والاضطرابات المتتالية في الأندلس فصور الوضع العام بأن الرعية " عدموا الراعي العَنُوف منذ حِقَب ، فنبذوا السلاح وكلِفوا بالتّرْقيح" (3) ، ونافسوا في النّشَبِ ، وعطَّلوا الجهاد ، وقعدوا فوق الآرائك مقعد الجبابرة " (4) ، وتولى الأمر " جماعة من الأغمار، كانوا عصابةً يحل بها الفَتاءُ (5)، ويذهب بها العُجْبُ" (6).
وكان الوضع في الأندلس في تلك الفترة قد تغير تغيراً جذرياً ؛ فبعدما كانت الخلافة تجمع بين السلطتين الزمنية والروحية ، جاء الحاجب (7) المنصور ابن أبي عامر ( 370-392هـ / 980 – 1001 م ) (8)، وأبناؤه من بعده (9) فانتزعوا منها السلطة الزمنية (10) ، وكانت وفاة عبد الملك (المُظَفَّر) (11) ابن المنصور العامري فاتحة لفترة مضطربة من تاريخ الأندلس (12) بدأت بعبد الرحمن (شنجول) (13) الذي " ساء تصرفه وأنفق الأموال في غير وجهها ، ونُسِب إليه أباطيل القول والفعل ، واستعان بالعسكر للتحرر من نفوذ العامة (14)، وانتهى الأمر بقتله (15)؛ ففتح على الأندلس باباً لم يُسَد إلا بانهيار الدولة كلها ، وكان ذلك إيذاناً ببداية نهاية دولة الإسلام في الأندلس .
ويرى الدكتور محمود إسماعيل أن تلك الأزمة " جديرة بأن تشحذ العقول الذكية ، وتنتج مفكرين مخلصين يصطبغ تفكيرهم بالمرارة ويحاولون البحث عن علة ذلك الداء الذي أوتى منه بلدهم ومحاولة تكوين مشروع سياسي اقتصادي اجتماعي" (16)، ومن هنا ظهر هذا الجيل من أبناء قُرْطُبَة من أمثال ابن حَيَّان وابن حَزْم ، وابن شُهَيْد (17) ممن حاول كل منهم في ميدان علمه تقصى الحقيقة والبحث عن علاج لمحنة بلدهم (18)، ولذا نلمح في كتابات ابن حَيَّان التاريخية شيوع روح النقد لديه ؛ فنراه يعبر عن رأيه وبوضوح ؛ ففي أيام دولة الخليفة " سليمان المستعين " (19)، وبداية " الفتنة البربرية " يذكر أنها كانت : " شِداداً نَكِدات صعاباً مَشئومات ، كريهات المبدأ والفاتحة ، قبيحة المُنْتَهَى والخاتمة ... " (20) .
ويشير ابن حَيَّان في نصوصه إلى النهب الذي حدث بقُرْطُبَة ، واجتياح التدمير بلا حساب أحياء قُرْطُبَة وهو ما كان له أبلغ الأثر في تكوين فكره السياسي ، وانعكس ذلك على كتاباته التي اتسمت بالحدة والحزن فقد كان يعتقد بأن الأندلس ينبغي أن تحتل مكان الصدارة في العالم الإسلامي ، وتشيع هذه الروح في كل كتاباته (21).
وقد زاد من اضطراب الأوضاع في الأندلس - لاسيما قُرْطُبَة - اقتحام البربر (22) لها (23)، ونشر الدمار بها ، ودفعت قُرْطُبَة ثمن مقاومتها أنهارا من الدماء ، وقتل الكثير من أهلها (24)، ودخلت البلاد بعدها في سلسلة من الأحداث (25) واضطربت الأوضاع ، واستمرت النزاعات التي شارك فيها البربر والصقالبة (26) وأهل قُرْطُبَة أنفسهم ، الأمر الذي جعل ابن حَيَّان يكن للبربر كراهية شديدة تشيع على ظاهر صفحات تاريخه ، فهو يندد بقسوتهم وحقدهم الدفين على الدولة الأندلسية ، ورغبتهم في نقض بناء الحضارة الأندلسية منذ أول لحظة يتهيأ لهم فيها ذلك (27) وقد تتبع ابن حَيَّان تلك الأحداث وفى تفصيل دقيق .
وانتهت هذه المرحلة في سنة 417 هـ / 1026 م ، حين أجمع أهل قُرْطُبَة برئاسة الوزير أبو الحَزْم بن جَهْوَر على رد الأمر إلى بني أُمَيّة (28) ، واتفقوا على مبايعة هشام بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر (29) ، وتلقب بالمستظهر (30) . وبعد ذلك خرج عليه ، محمد بن عبد الملك (المُسْتَكْفي ) سنة 414 هـ / 1023 م ، ويذكر ابن حَيَّان عن الخليفة المستكفى قوله : " ولم يكن هذا المستكفى من هذا الأمر في وِرْدٍ ولا صَدَر ، وإنما أرسله الله تعالى على أهل قُرْطُبَة محنة وبلية " (31)، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على متابعة ابن حَيَّان للأحداث ورصدها بصورة شبه يومية وبطريقة ناقدة .
ونتيجة لتلك الأحداث تقلصت بالضرورة قوة السُلطة في الداخل (32)، وهو ما انعكس أيضاً على فكر ابن حَيَّان؛ فحاول مثل غيره من المؤرخين النابهين من أمثال ابن حَزْم أن يعمل على تحقيق وحدة الأندلس وتقوية سلطة الخلافة من جديد (33)؛ فنراه يعتد "بالجماعة" أو وحدة الأندلس ؛ ولذا كان يستخدم كلمة الجماعة مراراً وتكراراً فيقول : " سلطان الجماعة " و" إمام الجماعة " و"أمير الجماعة " (34).
وبينما كان البناء السياسي للأندلس يتصدع شيئاً فشيئاً أثناء فترة الصراع على الخلافة بين من ادعاها من أفراد البيت الأُمَوي ومن أعقبوهم من بني حَمّود (35)، انهار البناء السياسي جملة ، وضاعت الوحدة ، وتفرق أمر الجماعة (36) ، وفي تلك الأثناء اجتمع شيوخ قُرْطُبَة والوزراء برئاسة أبي الحزم بن جَهْوَر واتفقوا على خلع المُعْتَد بالله – آخر خلفاء بني أُمَيّة - وإبطال رسم الخلافة جملة (37)، ونودي في الأسواق والأرباض ؛ ألا يبقى بقُرْطُبَة أحد من بني أُمَيّة ، وألا يكنفهم أحد من أهل المدينة ، وانتهى بذلك أمر بني أُمَيّة في الأندلس وزالت خلافتهم وانقطعت الدعوة لهم (38)، وأثرت تلك الواقعة تأثيرا بالغاً في فكر ابن حَيَّان ، وجعلته يتابع مصير دويلات الطوائف ، ويرصد العديد من الوقائع ، وركز على انفراط وحدة الأندلس وتفرق ملكها إلى دويلات طائفية (39)، واقتسامهم ألقاب الخلافة ؛ فوصفهم ابن حَيَّان بأنهم : " أُمراء الفرقة الهمل (40)الذين هم ما بين فشل وَوَكَل" (41).
أما في قُرْطُبَة فقد اجتمع كبار أهلها بعد إلغاء الخلافة ، وأسندوا الأمر إلى ابن جَهْوَر ، وكان مشهوراً عندهم بجدارته وكفاءته لتقلد هذا المنصب (42) ، وابتكر لأهل قُرْطُبَة نظاماً جديداً للحكم قائماً على الشورى ، ورأى ابن حَيَّان أنه لم يستبد بالسلطة كما استبد غيره من ملوك الطوائف ، وإنما كون مجلساً للحكم من شيوخ أهل قُرْطُبَة وانتخب أميناً لهذا المجلس ، وكان لا يصرف أمراً إلا بعد الرجوع إلى جماعة الشيوخ هؤلاء (43) ، وكان من جراء ذلك أن اختار ابن حَيَّان المقام في قُرْطُبَة في ظل الجَهاوِرَة لأنهم في نظره خير بيئة يستطيع فيها أن يسجل أحداث عصره ، وفيها استطاع أن يعبر عن سلبيات المجتمع الأندلسي خاصة بعد تمزق الأندلس على هذا النحو ، وقد انتقد ملوك الطوائف فى عصره خاصة في تربص بعضهم لبعض ، واستعانتهم بالنصارى لتنفيذ مخططاتهم .
وبصفة عامة – وكما يرى الدكتور محمود إسماعيل – أن " الانتكاسات التاريخية في حياة الشعوب ليست شراً مستطيراً على طول الخط ؛ بل قد تسفر عن ايجابيات بصدد الفكر وتطوره ، إذ غالباً ما تفضي إلى استنفار النخبة المفكرة لاستقراء أسباب وعلل تلك الانتكاسات " (44) .
وعلى الصعيد الاقتصادي وبعد انهيار وسقوط الخلافة حدثت الانتكاسة وعم الكساد الاقتصادي (45) وتدهور العمران ، وحفل العصر بالأزمات إلى حد المجاعة وأفل نجم قُرْطُبَة عمرانياً وبشرياً ، وصور ابن حَيَّان الوضع قائلاً : "... وطمست أعلام قصر الزهراء (46)..... فطوى بخرابها بساط الدنيا وتغير حسنها ، إذ كانت جنة الأرض ،فعدا عليها قبل تمام المائة من كان أضعف قوة من فارة المسك ، وأوهن بنية من بعوضة النمروذ ، والله يسلط جنوده على من يشاء ، له العزة والجبروت " (47).
وتحولت المدن التجارية المزدهرة إلى قلاع وحصون عسكرية (48) الأمر الذي لقي تنديد ابن حَيَّان ، ويشيع ذلك في صفحات كتابه " المتين " ومثال على ذلك ما أشار إليه في فطنة بالغة عن سوء الأحوال الاقتصادية نتيجة الوضع المتردي في بمدينة بَطَلْيَوْس (49) نتيجة النزاع بين المعتضِد بن عَبَّاد والأَفْطَس ؛ فقال : " بقيت بَطَلْيَوْس مدةً خالية الدكاكين والأسواق من استئصال القتل لأهلها في وقعة ابن عَبَّاد هذه بفتيان أغمارٍ إلا الشيوخ والكهول الذين أصيبوا يومئذ . فاستدللت بذلك على فشو المصيبة (50)؛ فتوقع برؤية ثاقبة عما سيحل بعد ذلك من كوارث اقتصادية .
وانتشرت في الأندلس " الكُوَر المجندة " (51)نتيجة لكثرة الحروب الأهلية، فنزل جند دمشق في كورة إلْبِيرَة (52) ، وجند حَمْص في كورة إشبِيلِيّة (53) وجند الأردن في كورة مالطة ، وجند قِنَّسْرِين في كورة باجة،(54) وبعضهم بكورة تُدْمِير (55)، فهذه منازل العرب الشَّاميين، وبقي العرب والبربر والبلديون شركاءهم ، كما تعاظم "إقطاع التجار" نتيجة شرائهم بعض إقطاعات الخلفاء والولاة (56) . وفي ظل هذا الحكم اضطرب الوضع الاقتصادي ، واشتد الغلاء وانتشرت الأوبئة ، وعمت الكوارث ، وانعدم الاستقرار والأمن (57).
ولجأ الملوك من أجل إرضاء نزواتهم وتحقيق لذاتهم إلى إثقال كاهل رعاياهم بالضرائب (58)؛ فانعكس ذلك الوضع على كتابات ابن حَيَّان فوصف ذلك الوضع المتردي في مرارة واضحة بقوله " فما أقول فى أرض فسد ملحها الذى هو المصلح لجميع أغذيتها ؟ هل هى إلا مشفية على بوارها واستئصالها ؟ ولقد طمى العجب من أفعال هؤلاء الأمراء ...
أمور لو تدبرها حكيم إذن لنهى وهبب ما استطاعا (59)
وعلى الصعيد الاجتماعي شهد المجتمع الأندلسي في ظل الخلافة والحِجابة مرحلة المزج والانصهار بين العرقيات المتنوعة ليحدث نوع من التجانس لم تشهده الأندلس من قبل ؛ إلا أن السخائم العرقية والإقليمية عادت مرة أخرى لتؤثر سلبياً في هذا التجانس، ولتمزق وحدة الأندلس من جديد (60)بظهور النزعة العنصرية ؛ ولذا لم يغب عن ابن حَيَّان أيضاً أن يعبر عن تلك النزعة في الأندلس في تلك الفترة وذلك من خلال حديثه عن اجتماع خازني بيت المال في عهد الأمير محمد ، وهما " عبد الله بن عثمان بن بسيل ، ومحمد بن وليد بن غانم " واستدعى الأمر أن يكتب ابن غانم كتاباً قدم نفسه فيه ، فما كان من ابن بسيل إلا أن قام له : " والله لا أطبع كتاباً تتقدمني أنت فيه ، وأنا شامي وأنت بلدي " (61) .
ويشير أيضاً إلى الفتنة بين اليمية والمضرية فقال : " وكان ابتداء فتنة أهل الجزيرة وانبعاثها بالمعصية بين اليمانية والمضرية أن أطلق بعضهم على بعض الغارات واستحلوا الحرمات وتخلقوا بأخلاق الجاهلية ، واتخذوا الحصون والمعاقل المنيعة فارتقوا اليها وأذلوا البسائط " (62) .
وقد كانت هناك طبقة الأُمراء والحكام وذوو الثراء وأصحاب الوظائف الكبرى ، وكانوا يمتلكون ثروات طائلة تمثلت في الضياع الواسعة ، والقصور الخاصة ، وتفننوا في صنوف من البذخ (63)، والناظر إلى روايات ابن حَيَّان يجد أن الغالب عليها تصويره مثالب الطبقة الحاكمة ، ولم يغب عنه تصرفات الحكام وشغفهم بالبناء إلى حد الإسراف والبذخ ويتضح هذا ـ فيما نقله عن معاوية بن هشام ـ عند ذكره لقيام الأمير محمد بتحسين قصر الخلافة فيقول : أنه بلغ من تحُسَينه إياه مبلغاً " تَوَفَّتْ به الكمال ، واكتسبت الجمال ، فشفيت به أدواء النفوس ، وضرب بحسنها المثل " (64).
كما رصد ابن حَيَّان انحراف الحُجاب والوزراء ، واستطاع أن يلقي الضوء حول طبيعة حياة الأمراء من خلال المعايشة ، وقد أشار إلى ما أصاب أهل الأندلس من نفاق وقلة وفاء وميل مع من يبقى في المنصب ، كما لم يغب عنه أن يصور بعض تجاوزات الولاة وظلمهم كما صور دور الجواري في بلاط حكام الأندلس ، وانتقد ما كان يقمن به من دسائس وهذه الرؤية النقدية ما كانت لتحدث لولا ظروف عصره التي دفعته إلى ذكر ما وصل إليه حال الأندلس من انقسام وتفكك (65).
ونراه لا يغفل الإشارة إلى حال " مشيخة الشورى " أواخر عهد الخلافة الأُمَوية بالأندلس ، ويتضح هذا عند حديثه عن الخليفة هشام المُعْتَد الذي يقول عنه : " وزاد فى رزق مشيخة الشورى من مال العين ، ففرض لكل واحد خمسة عشر ديناراً مشاهرة ، فقبلوا ذلك على خبث أصله ، وتساهلوا فى أكل ما لم يستطبه فقيه قبلهم " (66) .
وكانت هناك طبقة أخرى تعاني ألوان العسف والتنكيل ، ويطلق عليهم لقب العوام وهم الفئة المهمشة في التاريخ (67) ولا يأتي ذكرهم في الغالب الا عند التأريخ للكوارث كالمجاعات والأوبئة ، أو من خلال ذكر حركات المعارضة التي جري تهميشها بالمثل ودمغها بأبشع التهم والنعوت (68) . وتتكون هذه الطبقة من الفلاحين في الريف والحرفيين والعمال في المدن (69) وأغلبها من البربر أو المولدين (70)، أو الموالي (71) ، وكان على هذه الطبقة أن تتحمل أعباء ضرائب باهظة كانت تُفرَض عليها وكانت تقوم بينهم وبين الدولة هوة سحيقة من سوء الظن وعدم الثقة (72). وكان لهذا التدني أثره على ابن حَيَّان في معارضته لهذه المظاهر في كتبه وتنديده بفاعليها (73) ، ويقول واصفاً أحد هؤلاء المغالين في جمع الضرائب : " ونعي إلينا فلان، وكان فظاً قاسياً ظنيناً جشعاً جباراً مستكبراً قليل الرحمة نزر الإسعاف زاهداً في اصطناع المعروف، أحد الجبابرة القاسطين على الرعية، المجترين على رد أحكام الشريعة وكان مهلكه – زعموا – من طاعونة طلعت عليه ببعض أطرافه، فتجاسر على قطعها بفرط جهالته، فمات معذباً في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد (74).
تعددت مجالات المعرفة الاجتماعية والثقافية التي طرقها ابن حَيَّان عكست لنا ألواناً من الحياة الأندلسية الاجتماعية والثقافية ، ويعتبر تاريخه الكبير أدق وثيقة مفصلة للحياة الثقافية والفكرية للأندلس ؛ فنراه يرصد العديد من الظواهر الاجتماعية عندما يصور شرائح المجتمع بما فيها من صور الوشاية ، والذم ، والمكائد ، وفساد القضاة " وقد انطبقت أرض الأندلس نفاقاً واستعرت خلافاً ذلك بإغفال من كان قبله لحسم من كان ينجم من قرن النفاق حتى تفاقم الأمر بعد تطاوله ، وتفاوت الشئ بعد قرب تداركه واستعجل شر عمر بن حفصون جرثومة النفاق وانتزى أكثر بلاد الأندس اقترانه .
ومن الأقوال التى ذكرها ابن حيان ، والدالة على وجود شهادات الزور فى الأندلس ، حديثه عن " محمد بن غالب " من أهل إستجة ، كان قد طلب من الأمير عبد الله بناء حصن بقرية ، شنت طرس " ، وهدفه من ذلك حماية الطريق ، ومنع المفسدين وقطاع الطرق من إلحاق الأذى بالمسلمين ، وعندما تم بناء الحصن حسده ، بنو خلدون وبنو الحجاج " وقامت الحرب بينهما ، وادعى بنو حجاج على إثر هذه الحرب أن محمد بن غالب أغتال رجلاً من قرابتهم ..... واستدعوا عليه الشهادات المزورة .
كما عكس الصراع الذي كان يدور بين الفقهاء والخليفة وكيف أن الخليفة كان يكره أن يكون القاضي قوياً ، وهو ما صوره تحت عنوان " نوادر من أخبار قضاة الأمير عبد الرحمن ". ومن هذه النوادر أيضاً نستشف النفوذ القوي الذي كان يتمتع به الفقهاء في الدولة ، والدليل على ذلك أن الأمير عبد الرحمن قلما يولي قاضياً إلا عن مشورة يَحْيىَّ بن يَحْيىَّ اللَّيثِي وفي ذلك يقول ابن حَيَّان : " وغلب يَحْيىَّ بن يَحْيىَّ جميعهم على رأي الأمير عبد الرحمن ، وألوى بإيثاره ، فصار يلتزم من إعظامه وتكريمه وتنفيذ أموره ما يلتزم الوالد لأبيه ، فلا يستقضي قاضيا ، ولا يعقد عقدا ، ولا يمضي في الديانة أمرا ، إلا عن رأيه وبعد مشورته " .
كما صور لنا بخل الأمير عبد الله بن محمد ، وشيوع حوادث الرشوة بالغصب في عهده ، كما صور بعض معايب عبد الرحمن الناصر وتبرز استهتاره باللذات وتغليظ العقوبات ، وتهوين الدماء ، والعبث في الرعية. ونرى ذلك أيضاً عندما يتحدث عن النسـاء وشغف الأمير عبد الرحمن بهن فيقول : " كان الأمير عبد الرحمن مُستهتراً بالنساء ، شديد الميل إليهن ، والإعجاب بهن ، والبذل لهن ، والاستكثار منهن ، والهوى فيهن " .
كما سجل مظاهر الاحتفال بالأعياد والمناسبات وكيف كان الشعراء والخطباء في هذه الاحتفالات " تتناغى فيما ترتجل من خطبها وتنشد من أشعارها فتكثر وتجيد " ، أما الاحتفال الرسمي من قِبَل الخلفاء بالأعياد فقد أطنب في وصفها ابن حيان .
ولم يغب عنه أن يعبر عن مظاهر البذخ التي كانت تتسم بها حفلات استقبال الحكام الأندلسيين لمن يفد عليهم ، ولذلك يقول عن يوم استقبال الخليفة الحكم المستنصر لجعفر بن على ومن معه إنه : "أحد الأيام العقم بقُرْطُبَة في اكتمال حسنة وجلالة قدره ، خلد حديثه زمناً في أهلها ، قاضياً من عجب الجلالة ، وكل شيئاً فإلى انقضاء إلا إله الأرض والسماء تعالى جده.
ومن الصور الاجتماعية التى اهتم ابن حيان بتسجيلها فى تاريخه حفلات المجون والتبذير للأمراء والخلفاء والوزراء ؛ منها على سبيل المثال حادثة احتفال المأمون بن ذى النون بإعذار حفيده يحيى ، تلك الحادثة التى احتلت عدداً غير قليل من الصفحات، يقول فى الإعداد لها :
" وأمر ـ المأمون ـ بالاستكثار من الطهاة والاتقاء للقدور ، والإتراع للجفان ، والصلة لأيام الطعام ، والمشاكلة بين مقادير الأخباز والآدام ، والإغراب فى صنعة ألوانها ، مع شياب أباريقها بالطيوب الزكية ، والقران فيها بين الأضداد المخالفة ما بين حار وبارد ، وحلو وحامض ،والمماثلة بين رائق أشخاصها ، وبين ما تودع فيها من نفائس صحافها ......... " .
وكان المدعوون إلى هذه الاحتفالات التى استمرت أياما أشتاتا من الناس من صفوة وعامة , وقد لقى الجميع من الاحتفاء بهم والتكريم لذواتهم ما يمكن أن يشابه ترتيب إدارات المراسم والتشريفات بالقصور الملكية ووصف ابن حيان طائفة القضاة على المائدة فى غرفة أسرف وفى وصفها ، فإذا انتهوا من الطعام يكمل الجانب التالى من رحلة الدعوة على هذا النحو :
" ولما فرغت تلك الطائفة جئ بهم إلى المجلس المرسوم لوضوئهم ، وقد فرش ايضا بوطاء الوشى الرقوم بالذهب ، وعلقت فيه ستور مثقلة مماثلة ...... ثم نقلوا إلى مجلس التطييب ، أفخم تلك المجالس ، وهو المجلس المطل على النهر ، العالى البناء ، السامى السناء ، فشرع فى تطييبهم فى مجامر الفضة البديعة بفلق العود الهندى ، المشوبة بقطع العنبر الفستقى ، بعد أن نديت أعراض ثيابهم بشابيب الماء الورد الجورى ، يصب فوق رؤوسهم من أوانى الزجاج المجدود ، وفياشات البلور المحفورة ".

والذي يعنينا من هذا النص أمور كثيرة ، من أهمها الإسراف ، والذى يتابع القصة بأكملها حسبما رواها بتفصيلاتها ومجالس القصف فيها وإنشاد الشعر فى مناسبتها وما قد خلعه الأمير عليهم برغم تدنى أشعارهم ، كل ذلك كان هدفا من أهداف أبى حيان فى تعرية ملوك الطوائف الذين يقتلون المال والبشر ، ويقاتل بعضهم بعضاً والعدو متربص بهم ، متحفز على أبوابهم .
وكشف ابن حيان عن دور العنصر النسائى فى بلاد الأندلس ، مثلما صور ما كانت تقوم به جارية الخليفة الناصر " مرجان " ، من حيل ضد السيدة فاطمة القرشية بنت أخى جده المنذر بن محمد الأمير ، وكان الناصر يقول لجاريته مرجان هذه : " فاقتادينى إلى قصرك فإنى طوع يمينك وحبيس هواك ، وكان ذلك على إثر الحيلة التى دبرتها لصرفه عن ابنة عمه فاطمة القرشية ، ويقول ابن حيان عن هذه الجارية معتمداً فى ذلك على ما قاله القبشى : فتقدمت لديه جميع نسوانه حتى كانت كرائمه وحظاياه لا يصلن إلى مطالبهن ورغباتهن من الناصر لدين الله إلا بشفاعة مرجان لهن ، وتوسلهن بها لديه للطف منزلتها وغلبتها على قلبه ............
وصور لنا مكانة الجواري في المجتمع الأندلسي فيورد لنا قصة الجارية مرجان التي كانت من أحب الجواري إلى قلب الخليفة الناصر وأنجبت له ابنه الحكم ، فكانت أثيرة الخليفة لا يسلو بدون رؤيتها ولا يكتم علها سراً ، وإذا مرض حُمِل إلى بيتها .
وقد أمدنا ابن حيان بسيل من النصوص ، على جانب كبير من الأهمية وتكشف النقاب عن الوضعية الاجتماعية لعدد كبير من فئات المجتمع الأندلسي ومنهم على سبيل المثال : الفقهاء حيث أماط اللثام عن النفوذ الاجتماعي – والسياسي بالطبع – للفقهاء ، وكيف كان الأمراء والخلفاء يخشون تقلب الفقهاء عليهم مثلما أورد فى ما نقله من كتاب الاحتفال ما يشير إلى أن الأمير عبد الرحمن بن الحكم كان يكره تألب الفقهاء عليه ...... ويقلق منهم ويسميهم سلسلة السوء " .
وابن حيان لا يغفل أيضاً ذكر الآثار المترتبة على النواحى السياسية من إصابة المؤدبين وكساد الناحية التعليمية للصبيان والمؤدبين ،هذا فضلاً عما تكشف عنه روايته من قتل المغنيين والطنبوريين ، وهذا يشير إلى ألوان البذخ واللهو فى الأندلس فى " فترة الفتنة " .
واستطاعت روايات ابن حيان التاريخية أن تكشف عن إزدواجية الشخصية الأندلسية ، وذلك عند حديثه عن " عبدالله بن عاصم " صاحب الشرطة بقرطبة ، على عهد الأمير محمد ، الذى مر به ، يوما فتى حسن الشارة يترنح سكراً ، فأمر بأخذه ، فوجدت به رائحة الشرب ، فأمر بجلده ، فلما جُرد للجلد أقبل على ابن عاصم ، فقال له : ناشدتك الله ، من الذى يقول :
إذا عاب شرب الخمر فى الدهر عائب فلا ذاقها من كان يوما يعيبها
فقال له ابن عاصم : أنا ، وأستغفر الله منه ، فقال له الفتى : فلا تستحيه عن وجهه حين تغرى بالشرب وتحض عليه ، ثم تكشف عنه وتعاقب فيه ؟ فأفحمه ودرأ الحد عنه .
وما أكثر ما ترد فى ثنايا تاريخ ابن حيان ملاحظات وتعليقات نفذ بها إلى الكشف عن العيوب الدفينة فى المجتمع الأندلسي ، هذه العيوب التى أدت شيئا فشيئاً إلى تحللها وتصدعها ، وكأنه السرطان الخفى يستشرى فى باطن جسد ظاهره الصحة والقوة . وهى عيوب بدأت منذ أيام الحكم المستنصر ، ثم استفحل داؤها على عهد الدولة العامرية . غير أن الأمجاد العسكرية والقوة الظاهرية كانت تلقى عليها حجابا كثيفا سترها عن الأنظار . لقد كانت الفتنة تحثم تحت هذه القشرة الظاهرة من القوة والعظمة ، فلما تصدعت واجهة الدولة بعد وفاة المظفر بن المنصور بن أبى عامر إذا بهذا البنيان الشامخ ينهار فى لحظات ، وإذا ينير ان الفتنة المبيرة تندلع معلنة بداية نهاية الإسلام فى الأندلس .

كما رصد سوء الأحوال الاقتصادية المترتبة على المنازعات والحروب خاصة بين ملوك الطوائف ؛ فنراه يصف ما حدث بمدينة بَطَلْيَوْس نتيجة النزاع بين المعتضِد العَبّادي والأَفْطَس بأنها " مصيبة " ، حيث " خلت الدكاكين والأسواق " . ويصف القسوة التي استخدمت في جمع الضرائب غير الشرعية بمدينة شاطبة بكل أنواع العنف حتى تساقطت الرعية ولم تصمد في وجه هذا الظلم" . ومن هنا يتضح مدى اهتمام ابن حَيَّان برصد الجوانب الاقتصادية دون الاقتصار على الجانب السياسي فقط .
كما أرخ للوضعية الجبائية والمالية مثل ما أرخه حول الوضعية الجبائية والمالية للدولة العامرية ؛ فيقول ابن الخطيب في أعمال الأعلام : " ذكر أبو مروان خلف رحمه الله في كتابه ...المسمى بأخبار الدولة العامرية ... فقال : " كان مبلغ جباية آخر أيام المنصور أربعة آلاف دينار سوى رسوم المواريث بقُرْطُبَة وكور الأندلس كانت تجري على الأمانة وسوى مال السبي والمغانم على اتساعه في هذه وسوى ما يتصل به السلطان من المصادرات ومثل ذلك مما لا يرجع إلى قانون ، قال : وكانوا يعتدونها أربع بيوت تأخذ النفقات السلطانية منها على المشاهرة بالزيادة والنقصان ما بين الشهر والشهر مائتي ألف دينار إلى مائة وخمسين ألفا إلى أن يدخل شهر يونيه العجمي فيتضاعف فيه الإنفاق من اجل الاستعداد لغزو الصائفة فينتهي منه إلى خمسمائة ألف دينار وأكثر منها وما فضل من المال بعد جميع النفقات أحرزه السلطان في بيت ماله مع غير ذلك من ضروب استفاداته ، كما تعرض للحديث عن أهل البيوتات الذين اتخذوا الضياع الواسعة منهم بني حجاج الذين امتلكوا في " باديتهم بالسند المنسوب اليهم على خمسة عشر ميلاً من الحاضرة "، وكذلك " الإلهانيين والمعافريين وبني خلدون الإشبيليين اللذين اكتسبوا الضياع سواء بالبادية أو الحاضرة " ، ويكشف ابن حيان النقاب عن قرى بأكملها تملكها " كريب بن عثمان " بكورة مورو ومثله أيضاً كان سليمان بن محمد الشذوني.
وتعرض أيضاً لذكر " الذكوات والصدقات " التي يتكلف الجباة بتحصيلها من الفلاحين وحتى تتمكن الخلافة من تغطية نفقات الحملات الحربية استحدثت " مغرم الحشد " الذي عم الجميع باستثناء المطوعة .
كما تعرض ابن حَيَّان لرصد المجاعات والأوبئة ؛ بل ويفسر سببها بدقة
أما الحالة الثقافية فالعجيب أنه وعلى النقيض من الوضع السياسي ؛ لم تكن الثقافة الأندلسية يوماً أشد إشعاعاً ، وأقوى خصوبة كما كانت عليه في تلك الفترة ففي الغالب تكون الأزمة "تحدياً" يوجب " الاستجابة " – حسب مفهوم " أرنولد توينبي" وغالباً ما تناط النخبة المفكرة بريادة الاستجابة على الصعيد المعرفي كما يرى الأستاذ الدكتور محمود إسماعيل (75) .
ويجمع الدارسون على ازدهار الحركة الثقافية في عصر ملوك الطوائف وذلك راجع إلى تداعيات وظلال العصر السابق ، بما يؤكد أن الظواهر الفكرية في تطورها وفي أفولها تحتاج إلى فترة زمنية طويلة (76).
هذا وقد مجد الأندلسيون العلماء والفقهاء ورجال الأدب ، وكان لهؤلاء القيادة والريادة في المجتمع الأندلسي
وقد تعصب ابن حَيَّان للمذهب السني المالكي – وهو المذهب الرسمي للدولة – الذي دخل إلى الأندلس في حياة الإمام مالك نفسه، وذلك بفضل من درسوا عليه من تلاميذه الأندلسيين ونقلوا كتابه " الموطأ" ، وهم على التوالي الغازي بن قيس(ت 199/815) ، وزياد بن عبد الرحمن اللخمي الملقب بشبطون ، ( ت204 هـ / 819 م ) ، وهو أول من أدخل مذهبه فى الأندلس ، ويَحْيىَّ بن يَحْيىَّ اللَّيثِي ( ت234هـ / 848 م ) ، وساهم غيره من الفقهاء فى انتشار المذهب المالكى أيضاً مثل : عيسى بن دينار الغافقي الطليطلي( ت 212 هـ / 827 م ) ، ويكمن أثر المذهب المالكي في الأندلس بكونه أهم المحاور التي دارت حولها المؤلفات الأندلسية المبكرة ، شرحا وتوضيحا لكتاب الموطأ ، ودراسة لرجاله وأسانيده ، ودفاعا وانتصارا له ، وتأليفا حول المذهب بشكل عام وكان ابن حَيَّان من أشد المتحمسين لذلك المذهب ، وانعكس ذلك بوضوح على كتاباته ويظهر ذلك في هجومه على أتباع المذاهب الأخرى أصحاب " الطائفة الخبيثة " " المارقة " مثل حركة ابن مسرة " الظنين المرتاب " و " المرائي بالعبادة " الرابض بالفتنة " " القادح في السُنة " . واعتبر المعز لدين الله الفاطمي " صاحب إفريقية الممد في الضلالة " ، ونظر إلي الفواطم عموما باعتبارهم "أهل الضلالة ". كما تحامل على أمراء المغرب المواليين للفاطميين ، فنعت الحسن بن قنون " بالمارق " ولعن صاحب نكور " قبحه الله " ووصف النكوريين " الفاسقين " .
كما تناول مشكلة الإمامة والخلافة ؛ فكان يرى ضرورة أن يكون " خليفة المسلمين من قريش " ، وحيث أن الأُمَويين من قريش ، وكانوا بالفعل ممثلين في شورى الإمامة ، فان الخلافة حق من حقوقهم ، بل يزيد فيجعل خلفاء بني أُمَيّة امتداداً طبيعياً لخلافة الراشدين فأقاموا رسوم السُنة ، وأحرزوا وظائف الديانة "
وكان يرى ثلاث مهمات كبرى للخليفة : عسكرية وإدارية ومدنية ؛ ولذا نراه يصف حال أهل طُلَيطِلَةُ وما نالهم من الذل على أيدي العدو الإفرنجي بعد استقرار دول ملوك الطوائف أنهم " عدموا الراعي العنوف " ، ويقول في معرض مدحه لمسلك أبي الحزم ابن جَهْوَر في إدارة الأمور بقُرْطُبَة إن أهل قُرْطُبَة " ولو من الجماعة أمينها المأمون عليها" ؛ أما اللقب الذي يطلقه على الناصر " مجمع الفرقة " ؛ فالقيام بجهاد العدو هو الذي جعله معجبا أشد الإعجاب بالناصر والمستنصر والمنصور العامري وابنه عبد الملك المُظَفَّر ، ويجعل الجهاد مطلب أساسي للأمة في مناطق الثغور ، إذا لم يلتقطه الإمام ويدفع به من القوة إلى الفعل فمن شأن ذلك الإمام أن يسقط ، فإذا قام غيره بتولي هذا الدفع ؛ فإن الأمة تلتف حوله ويصبح هو صاحب السلطة الفعلية في البلاد . وما حدث سنة 366 هـ / 976 م إثر وفاة الحكم المستنصر وتولي ابنه هشام المؤيد الخلافة نظرياً ، خير دليل على ذلك ؛ حيث تولى الأمر المنصور العامري لأنه قام بالجهاد ملبيا لطلب الأمة وهيأه لإمامة المسلمين فأورد عنواناً لذلك وهو : " ذكر دفاع ابن أبي عامر العدو ، وقيامه بالجهاد دون الجماعة وتوصله بذلك إلى تدبير الملك ".
كما أدلى بآرائه فى حركات المنتزين – الثائرين - فى الأندلس والمغرب ، وهى فى نظره حركات خارجة عن السنة والجماعة فى الأندلس ، فمن هؤلاء المنتزين من كان هدفه " السعى فى الأرض بالفساد والاستحلال لغنائم المسلمين ، ومنهم من كان يسعى إلى " قطع السبيل وإشاعة الفساد فى الأرض وسفك الدماء .
ويتحدث ابن حيان عن " سعيد بن سليمان بن جودى " أمير العرب المنتزين بمدينة غرناطة ، ويذكر عنه ما قاله ولده عبد الله فيه من شغفه بالجوارى ، وأنه كان : " مقدماً لهن على جميع لذاته ، ويمضى فى ذكر شغفه بشرائهن وأشعاره فيهن ويبدو فى رواية ابن حيان هذه التلازم بين الظروف السياسية وثوارت المنتزين ، والأثار المترتبة على ذلك من حيث التفكك القيمى والأخلاقى الذى أصاب المجتمع فى بعض أنماطه .
وقد تعرض لتراجم العلماء وقد قل من تجده متبحراً في علم واحد أو علمين ؛ بل فيهم من يعد من الفقهاء والمحدثين والفلاسفة والأدباء والمؤرخين واللغويين (77) ولم يقتصروا على العلوم النظرية بل كانت لهم دراسات في علوم عملية (78) كالفيزياء، وعلم العقاقير، والزراعة (علم الفلاحة) والذي أبدعوا فيه وصنفوا التصاميم المشهورة، مسجلين ما توصلت إليه تجاربهم في النباتات والتربة (79).
وهذا التعدد المعرفي لعب دوراً مهماً في إثراء فكر ابن حَيَّان خاصة وأنه كان مكثرا من الاطلاع على تلك الكتب، وسهلت له تلك النهضة العلمية الاطلاع على تاريخ الممالك النصرانية أيضاً ، مما يرجح أنه كان يعرف عجمية الأندلس وأن " ما أورده ابن حَيَّان من أخبار عن إسبانيا (80) النصرانية ينم عن معرفته الدقيقة بكل أحوالهما وأنساب حكامها (81).
وكان لكثرة مطالعاته التاريخية أن تجنب الروايات الخرافية والأسطورية ولم يشع ذلك في كتاباته ؛ مما كون وعى تاريخى ناقد لديه ومكنه من أن يصور ما وُجد فى البلاط الأندلسي من دسائس وفتن بين الحجاب والوزراء تصويراً نقدياً لا يعتمد على القص فقط .

ومن الناحية الثقافية : قام ابن حَيَّان بالترجمة لمشاهير الأدباء والشعراء وأعلام الفكر ، وأورد الكثير من نظمهم سواء كان نثراً أو شعراً ؛ ثم يقوم بعرض جمل من أخباره مثل ترجمته لعباس بن فرناس الذي " نادم الأمير عبد الرحمن بن الحكم وجالسه ، وصديقه مؤمن بن سعيد الشاعر، وكذلك ترجمته للشاعر يَحْيىَّ الغزال وقد وصفه وصف الناقد البارع الحصيف فقال :
" ....... وكان مقتدراً على الشعر ، سلس الطبع فيه ، يُصرفه فى ضروب الشعر بحلاوة لفظ ، وملاحة معنى وغُزر مادة . وأكثر شعره محمول على الدعابة والهزل ، فلذلك خرج بعضه بألفاض عامية مبتذلة . وهو فيما روى ونقح محسن مُجود وكان على نصاعة أدبه ، عالماً مُفتنا جزلا ، متكلماً عريضاً مُندراً ، كبير الغور ظريف الخبر ، خالد الذكر فى الأعصر البائدة " .
ونجده يتعرض لذكر مجالس الغناء ، و" خبر زِرْياب "، و " المطربين ببلد الأندلس " ، ويروي ذكر جلساء الأمير عبد الرحمن بن الحكم وسُماره الدانين إليه من شعراء أهل زمانه وأدبائهم ، ونبذ من نوادرهم وأشعارهم مما خالطه من أخبارهم .
ويسرد أخبار الشعراء ، مع الأمير عبد الرحمن بن الحكم وبعض ما سقط إلينا من أماديحهم له من ذلك " خبر يَحْيىَّ بن حكم الغزال في إرساله إلى ملك الروم ".
ويشير أيضاً إلى شغف الأمير عبد الرحمن بن الحكم بعلم الهيئة ، ومطالعته للكتب القديمة ، صاغياً إلى علم التنجيم ، واقفاً على سنن التعديل ملياً ، يسأل علماءه عن الأدلة ، مولعاً بالوقوف على أقوالهم في أحكامه ، مقرباً لحذاق المنجمين في زمانه ، آنساً بهم ، محسناً إليهم ، مستريحاً إلى تعديلهم لأوقات حركاتهم ، وإنذارهم من طريق أقضيتهم بمساعده ومناحسه .......وكان من مشهور في زمانه ومن قبله عباس بن فرناس ، ذو الأنباء الشنيعة ، وعبد الواحد بن إسحاق الضَّبِيّ ، ذو النوادر البديعة ، ومروان بن غزوان ، ومحمد ابن عبد الله ، وعبد الله بن الشمر بن نمير نديم الأمير ، السابق في حلبتهم الزائد في تمام خصاله الأدبية على جماعتهم . فقد كان فيما ينتحلونه من علمهم إماماً لهم ، معدوداً في وجوههم ، يعول الأمير عبد الرحمن عليه في تمييز . غيب ما يطرقه من شؤونه ، ويساوره من خطوبه ، فلا يزال يبلو من صدق إصابته ، وصواب رجمه ، ما يطول منه تعجبه ، ويكثر من أجله تسآله ، فله معه ومع من سمينا من الوزير عبد الرحمن بن يَحْيىَّ الأصم ، والنعمان بن المنذر وغيرهما من رجالهم ، وما لدى أصحابه وغيرهم في هذا الباب نوادر مستغربة .
كما أشار إلى أن عبد الرحمن الأوسط أول من اتخذ كاتباً خاصاً له وسار الأمراء والخلفاء من بعده على هذا النظام حتى سقوط الخلافة.
ويحوي كتاب المقتبس بين دفتيه أيضاً تراجم عديدة لطبقات الفقهاء الأندلسيين منذ فتح الأندلس وحتى عصره معتمداً على مصادر متعددة ، كما رصد لنا ابن حَيَّان انتقال الفتاوى بالأندلس من رأى الأَوْزاعيّ، وأهل الشَّام بالكلية " فحولت إلى رأى مالك وأهل المدينة . وانتشر رأى مالك بقُرْطُبَة ، وعم بلاد الأندلس ".
ورصد أيضاً مجالس العلم والتعليم بالأندلس ، وأخذ العلم على يد الشيوخ والفقهاء ، وأكد على أن الحكم المستنصر قد أمر ب " تحبيس حوانيت السراجين بسوق قُرْطُبَة على المعلمين الذين قد اتخذهم لتعليم أولاد الضعفاء والمساكين بقُرْطُبَة" .
وهذا يعني أن الدولة قد تبنت تخصيص مصروفات للمدارس ، والمستعرض لكتاباته يتضح لنا مدى ما وصلت اليه الأندلس من احترام العلماء والفقهاء ورجال الأدب ، وكيف أن الأندلسي كان ينفق ما عنده من مال حتى يتعلم ومتى عُرف بالعلم أصبح في مقام التكريم والإجلال ويشير الناس اليه بالبنان.
وقد اختلفت منزلة الأشخاص باختلاف سماتهم واتجاهاتهم الشخصية ؛ فقد كان منهم طبقة بارزة أسهمت في السياسة العامة للدولة ، وظفرت لذلك بالحظوة عند الأمراء ، وقد سجل ابن حَيَّان كل ذلك في تاريخه وبدقة بالغة .
مما سبق يتضح لنا أن كتب ابن حَيَّان تناولت وبتفصيل دقيق تاريخ المسلمين في الأندلس سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مما أهله لأن يكون حامل لواء التاريخ في الأندلس .

والخلاصة أن الفكر التاريخي قد اذدهر إبان تلك الحقبة التي شهدت " القرن الذهبي" في تاريخ الفكر الإسلامي (82) وخير نموذج هو حامل لواء التاريخ في الأندلس " ابن حَيَّان القرطبي ".



المصادر والمراجع
(1) ابن حَيَّان : هو حيان بن خلف بن حُسَين بن حيان بن محمد بن حيان بن وهب بن حيان مولى الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، كنيته أبو مروان ، ذكرابن بَشْكُوَال فى كتابه الصلة أنه قرأ أسمه وولاءه هذا بخطه ، ولد فى قُرْطُبَة سنة ( 377 هـ ـ 988م ) وتوفى بها يوم الأحد 28 ربيع الأول سنة 469 هـ ( 30 أكتوبر سنة 1076 م ) ، وما وصل إلينا من أخباره قليلاً لا يتناسب مع هذه المكانة العالية التى اعترف بها لابن حَيَّان أهل عصره ، ولم يترجم لنفسه كما فعل بعض المؤرخين قبله وبعده.أنظر في ابن حَيَّان وترجمته : ابن بَشْكُوَال ، الصلة ، ج1 ، ص 153 ، ترجمة رقم 345 ، ابن بَسَّام ، الذخيرة 1/573 ، الحُمَيِّدي ، جذوة المقتبس 200 رقم 397 ، الضَّّبِيّ ، بغية المتلمس 275 رقم 679 ، الزركلي ، الأعلام ، 2/328 ، كحالة ، معجم المؤلفين ، 4/88. وقد كتب عنه ملشور انطونية رسالة بعنوان Ibn Hayyan de Cordoba y sa Historia de la Espana musulmana ( ضمن دفاتر إسبانيا، المجلد الرابع، بونس آيرس 1946 ص 5 - 72)؛ وغرسيه غومس بحث صغير عنه في مجلة الأندلس (المجلد 11، 1946) .
(2) محمود إسماعيل : في دراسة التراث . رؤية للنشر والتوزيع ، ط1 ،القاهرة ، 2004 ، ص 23 .
(3 ) الترقيح : الكسب والمتاجرة .
(4 ) ابن بَسَّام: الذخيرة : ( تحقيق البدري) ج 3 ، ص 554 - 555 .
(5) الفتاء : حداثة السن .
(6 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 29 .
(7) الحاجب : في أول الأمر كان الحاجب في الدولة الأُمَوية بالأندلس يقوم بالوساطة بين الخليفة ووزرائه، ثم أخذت سلطة الحاجب في الاتساع حتى أصبح أرفع الوزراء شأنا، وصار يسمى بذي الوزارتين، وصار يشرف على الشئون المدنية والعسكرية. ولما ولي الحِجابة المنصور بن أبي عامر (الحاجب) أمور الأندلس؛ حجر على الخليفة الأُمَوي الطفل المؤيد هشام الثاني (366- 399هـ/ 976- 1009م)، واتخذ الزاهرة عاصمة جديدة بناها بدلا من الزهراء، وسيطر حتى على أم الخليفة (صبح) التي كانت تحاول إنقاذ ابنها من هيمنة الحاجب المنصور، ومن الغريب أن المنصور ظل محتفظاً بلقب (الحاجب) رغم استبداده بالسلطة، كما خلفه أبناؤه الذين احتفظوا بلقب (الحاجب) إلى أن سقطت الدولة العامرية سنة 399هـ 1008م بعد أن سيطرت على الدولة الأُمَوية والأندلس أكثر من ثلاثة عقود ، راجع ( حسن الباشا : الألقاب الإسلامية ، الدار الفنية ، القاهرة ، 1989 م ، ص 251 ، شحادة الناطور وآخرون : الخلافة الإسلامية حتى القرن الرابع الهجري ، دار الثقافة ، الاردن ، 1990 م ) .
(8) هو : محمد بن أبي عامر الحاجب ، طلب العلم والأدب في قُرْطُبَة ، وسمع الحديث ، تعلق بوكالة صبح أم الخليفة هشام المؤيد وزاد أمره في الترقي وتغلب على الأندلس ، توفى سنة 393 هـ للمزيد راجع ، الحُمَيِّدي : جذوة المقتبس ، ترجمة رقم 121 ، الضَّّبِيّ : بغية الملتمس ، ترجمة رقم 242 ، المعجب ، ص 72 ، الحُلة السِّيَراء ، ج1 ، ص 268 . ، المقري : نفح الطيب ، ج1 ، ص 396 .
(9) للمزيد راجع : ابن الأَبَّار : الحُلة السِّيَراء ، ، ج1 ، تحقيق ، حسين مؤنس ، ج1 ، دار المعارف ، القاهرة1985 م ، ص 268 – 277 ، وابن عذاري : البيان المغرب ، ج3 ، ص 253 ، وابن الخطيب : أعمال ، ص 80 ونفح ، ج1 ص 424 ) .
(10) أحمد مختار العَبّادي : دراسات في تاريخ المغرب والأندلس . مؤسسة شباب الجامعة ، ص 87.
(11) ت 399هـ - 1008 م وقيل أنه توفى على إثر ذبحة صدرية ، وقيل نتيجة عملية اغتيال ، انظر ابن عذاري : البيان المغرب ، ج3 ، ص 37 .
(12) محمد عبدالله عنان : دولة الإسلام في الأندلس . ج2 ، الهيئة المصرية للكتاب 2001 ، ص 622.
(13) يعرف في المراجع العربية بإسم شجنول Sanchuelo سانشويلو ، وهو تصغير للفظ سانشو وهو إسم جده لأمه ، أى سانشو الصغير ، أنظر حاشية : مختار العَبّادي : دراسات في تاريخ المغرب والأندلس ، مرجع سابق ، ص 87.
(14) محمود إسماعيل : سوسيولوجيا الفكر الإسلامي . مكتبة مدبولي ، ط 3 ، 1988 ، ص 536.
(15) قُتل سنة 399 هـ / 1008 م .
(16 ) محمود إسماعيل : إشكالية المنهج ، مرجع سابق ، ص 16.
(17) راجع ترجمته في ، جذوة المقتبس : ص 133 – 136 ، ترجمة رقم 232 ، بغية الملتمس : ص 191 ترجمة رقم 440 ، المطمح: 16 ، والمطرب: 147. واليتيمة 2: 35 ومعجم الأدباء 2: 218 وأَعتاَب الكُتّاب : 203 وابن خلكان 1: 116 والمغرب 1: 78 والخريدة 2: 555 والوافي 7: 144 والمسالك 11: 206 .
(18) في تناول تلك الرؤية استفاض كلا من الدكتور محمود إسماعيل في كتابه " أشكالية المنهج في دراسة التاريخ " والدكتور محمود مكي في مقدمة نشرته للمقتبس .
(19) للمزيد عن شخصية سليمان المستعين ، راجع ، ابن بَسَّام : الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة . ج1 ، تحقيق سالم مصطفي البدري ، ط 1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1998 ، ص 22 ، نقلاً عن ابن حَيَّان ، = ابن الأَبَّار: الحُلة السِّيَراء ، ج2 ، ص 5 ، ابن عذاري : البيان ، ج3 ، ص 51 ، والضَّّبِيّ : بغية ، ص 30.
(20 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 21 .
(21) محمود مكي : مقدمة نشرته لجزء من المقتبس ، الشطر الثاني ، ط 1 ، دار الكتاب العربي ، بيروت 1973 م ، ص 111 - 112 .
(22) يقصد بالبربر الجماعات التي أقامت منذ أحقاب بعيدة في الشمال الأفريقي من برقة شرقاً حتى المحيط الأطلسي غرباً وينسب السلاوى كلمة بربر إلى بر بن قيس بينما يرجع ابن خلدون الكلمة إلى كثرة بربرتهم ، والبربرة بلسان العرب هي اختلاط الأصوات غير المفهومة ويرجعهم البعض الآخر إلى لفظ برباروس وتعني الرافضة للحضارة الرومانية . وقد عاش البربر على شكل جماعات وبعضهم عاش داخل المدن واختلطوا بمن احتل البلاد كالرومان والوندال وغيرهم والغالبية عاشت على شكل قبائل وجماعات واتخذت من سهول وجبال المنطقة موطنا وسكناً ، راجع ، الموسوعة الإسلامية العامة ،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، القاهرة، 2001 م ، ص 275 .
(23) في 26 شوال 403هـ / 9 مايو 1013 م .
(24) فقد قُتِل سعيد بن منذر ، خطيب المسجد الجامع منذ أيام الحكم المستنصر([1]) ( 350 – 366 هـ / 961 – 976 م ) ، وقتل ابن الفَرَضِي صاحب تاريخ علماء الأندلس ، راجع الطاهر أحمد مكي : دراسات عن ابن حزم . ط 4 ، دار المعارف 1993 ، ص 103 . و :
Joseph Mccabe : The Splendour of Moorish Spain London 1953. P. 121.
(25) حيث توالى على الحُكم خلال تسع سنوات ثلاثة من بني حمود ، هم الناصر والقاسم والمعتلي ، وثلاثة من بني أمية ، هم المرتضى والمستظهر والمُسْتَكْفي .
(26) كان الجغرافيون العرب يطلقون هذه التسمية على سكان البلاد المتاخمة لبحر الخرز بين القسطنطنية وبلاد البلغار ثم اكتسب اللفظ مدلولا خاصا في أسبانيا الإسلامية فصار يطلق أولا على أسرى الحرب الذين كانوا يقعون في أيدي الجرمان ويباعون للمسلمين في شبه الجزيرة وكان لفظ الصقلبي ينسحب في عصر الرحالة ابن حوقل في القرن العاشر على الرقيق الذين من أصل أجنبي سواء في ذلك من كانوا من بلاد أوروبا أو من أسبانيا ذاتها وكانوا ينخرطون في سلك الجندية أو يتخذون لخدمة الحرم في القصور فقد كانوا يخصونهم وكان لتجار اليهود على خد تعبير المستشرق الهولندي دوزي معامل للخصى أهمها معمل فردن في فرنسا فكانوا بعد خصيهم يجلبون الى الأندلس ويباعون فيها وينشئون تنشئه خاصة فيتعلمون العربية وفنون الفروسية ويتأدبون بآداب المجتمع الأندلسي .وازداد عددهم زيادة كبيرة بحيث بلغوا في عهد الناصر لدين الله بقُرْطُبَة 13750 وفكت رقاب كثير منهم و سمعت منزلهم في المجتمع فأثروا وملكوا الأراضي واتخذوا الحشم والعبيد .ونبغت طائفة منهم في العلم والأدب فكان منهم الشعراء والكتاب.وعظم شأنهم في أيام الناصر فتولوا المناصب الهامة وقيادة الجيوش ولم يترددالناصر في أن يعهدالى نجدة الصقلبي بقيادة الجيش الذي وجهه الى ملك ليون في سنة 327 . واستثكر منهم الحكم المستنصر فاشتدت شوكتهم وكان لفائق وجُؤذُر دور هام في عهده وفي عهد ابنه هشام . راجع ، ياقوت : معجم البلدان مادة (صقالبة) ، المقرى : نفح الطيب 1/ 88 ، 92، 2/ 57 ، تكملة الصلة ابن الأَبَّار طبعة كوديرا رقم 89 .
(27) محمود مكي : مقدمة ، الشطر الثاني ، نفسه ، ص 114 .
(28) عبادة كحيلة : القطوف الدواني في التاريخ الإسباني ، القاهرة 1998 م ، ص 109.
(29) في 25 ربيع الآخر سنة 418 هـ .
(30) الحُمَيِّدي : جذوة ، ص 27 ، الضَّّبِيّ : بغية ، ص 34 ، المراكشي : المعجب ، ص 57 ، ابن حزم : نَقْط العروس ، ص 56 ، وعنان : دولة الإسلام ، ج 2 ، ص 668.
(31 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 271 .
(32) محمود إسماعيل : سوسيولوجيا ، مرجع سابق ، ص 534 .
(33) محمود إسماعيل : إشكالية المنهج ، ص 16.
(34) للمزيد راجع : المقتبس ( انطونيا ) ، ص 67 ، 133 ، 134 .
(35) بنو حمـّود : من ملوك الطوائف في الأندلس،. وقد سـُمـِّيت على اسم مؤسسها حمـّود، من نسل إدريس بن عبد الله، أي أنهم من الأدارسة. بيد أنه بالرغم من هذه النسبة العلوية ، إلا أنهم كانوا ينتمون في الواقع من حيث النشأة والعصبية والمصير، إلى البربر ، وتوالى على الحُكم خلال تسع سنوات ثلاثة من بني حمود ، هم الناصر والقاسم والمعتلي ، وثلاثة من بني أمية ، هم المرتضى والمستظهر والمُسْتَكْفي ، وتداخلت ولايات هؤلاء الخلفاء ، راجع ، ابن بسام ، تحقيق سالم البدري ، ج 1 ، ص 60 ، نقلا عن ابن حيان ، ابن حزم : جمهرة أنساب العرب ، دار المعارف، ص 43 – 44، الحميدي: جذوة المقتبس ، ص 22 ، ابن عذاري : البيان ، ج3 ، ص 122 ، عنان : دولة الإسلام ، جـ 2 ، ص657 .
(36) حُسَين مؤنس : شيوخ العصر في الأندلس ، الدار المصرية للتأليف والترجمة والنشر ، 1965 م ، ص 80 .
(37) راجع ، الحُمَيِّدي : الجذوة ، ص 28 ، والضَّّبِيّ : بغية ، ص 34 ، ابن عذاري : البيان ، ج3 ، ص 146 ، ابن الخطيب : أعمال ، ص 138 .
(38) سالم : تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس ، مؤسسة شباب الجامعة ، ص 363.
(39) ونوجز المسألة فيما يلي : قُرْطُبَة : يحكمها بنو جَهْوَر ( 423 هـ - 460 هـ ) ، إشبِيلِيّة : بنو عباد ( 414 – 484 هـ ) ، غَرْناطة : بنو زيري ( 403 – 483 هـ ) ، طُلَيطِلَةُ : بنو ذي النون ( 427 – 487 هـ ) ، بَلَنْسِية : العامريون ، ( 412 – 478 هـ ) ، سَرَقُسْطة : بنو هود ( 410 – 526 هـ )، راجع ، .
(40 ) الهمل : المتكاسلون المتوانون .
(41 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 3 ، ص 117.
(42) دوزي : ملوك الطوائف . ترجمة كامل كيلاني ، ط 1 ، مكتبة عيسى الحلبي 1933 ، ص 10 ،
11 ، وينتمي ابن جَهْوَر إلى بيت من أعرق بيوتات الموالي الأندلسية وهو أبو الحَزْم بن محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد من أهل بيت ووزراء.وسوف يحكم الدولة جماعة من الوزراء على نظام شبه جمهوري ، راجع ، عبدالحميد العَبّادي : المجمل في تاريخ الأندلس . ط 2 ، دار القلم 1964 ، ص 140.وللمزيد ، راجع ، ابن الأَبَّار : الحُلة السِّيَراء ، ج1 ، ص 244 ، والضَّّبِيّ : بغية ، ص 54 ، ابن بَشْكُوَال : الصلة ، ص 131 ، وخالد الصوفي : جمهورية بني جَهْوَر ، دمشق 1959 ، ص 46 .
(43 ) راجع ، ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 374 حيث يقول " فعجب ذوو التحصيل للذى أراه الله فى صلاح الناس من القوة ، ولما تعتدل حال ، أو يهلك عدو ، أو تقو جباية ، وأمر الله تعالى بين الكاف والنون " .
(44 ) راجع ، محمود إسماعيل : اشكالية المنهج ، ص 38 .
(45 ) Miguel Asin Palacios : " Un códice inexplorado del cordobés Ibn Hazm. Al-Andalus, 1934, 1, p, vol . 2 ( 1934 ) p. 40 .
(46) الزهراء Medina Zahra: ممدود تأنيث الأزهر وهو الأبيض المشرق والمؤنثة زهراءُ والأزهر النير ومنه سمي القمر الأزهر ، تقع شمال غرب مدينة قُرْطُبَة ، وعلى بعد حوالي ستة أميال ، وقد شرع الخليفة عبدالرحمن الناصر في بنائها في شهر المحرم سنة 325 هـ ؛ حيث عهد إلى ابنه الحكم بالإشرافعلى البناء ، وقد استمر البناء إلى عهد الحكم ، لكن الزهراء لم تعمر طويلا ؛ حيث إنه لما تغلب المنصور ابن أبي عامر على السلطة نقل قاعدة الحكم منها إلى الزاهرة وقد قام البربر بتخريبها أثناء الفتنة البربرية . ( ابن غالب : فرحة الأنفس ص31 ـ 34 ، الحِمْيَري : الروض المعطار ص 8 2ـ 32 ، المقري : نفح الطيب ج2 ص65 ـ 67 ، السيد عبدالعزيز سالم : تاريخ المسلمين ص 407 ـ 411 ) .
(47 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1 ، ص 272 .
(48) أحمد بدر : تاريخ الأندلس في القرن الرابع الهجري ، دمشق : [د.ن]، 1974 م ، ص 242 .
(49) بَطَلْيَوْس Badajoz: بفتحتين وسكون اللام وياء مضمومة و مهملة، مدينة أندلسية من إقليم مارِِدَة ، بينهما أربعون ميلاً ، بناها الأمير عبدالله على يد عبد الرحمن بن مروان الجليقي وهي تقع غربي قُرْطُبَة ، راجع ، ياقوت الحموي : معجم البلدان : ج1 ، ص 447 ، أبو بكر الزهري : كتاب الجغرافية ، ص 88 .
بَطَلْيَوْس : ( ( Bada luzتقع على نهر وادي يانه شمال شرق مدينة إشبِيلِيّة على بعد 185 ميلا ، بنيت على يد الثائر عبد الرحمن بن مروام الجليقي عام 261 هـ .( البكري : المسالك والممالك ج2 ص906 ،: ياقوت : معجم ، ج1 ، ص 447 ) ، سحر عبدالعزيز سالم : تاريخ بَطَلْيَوْس الإسلامية ، ج1 ، ص 137ـ 140 .
(50) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق سالم البدري ) ، ج 1 ، ص 239 ، نقلا عن ابن حَيَّان .
(51) الكُوَرة : الإقليم أو الصقع أو البقعة يجتمع فيها قرى ومحال ، وتحدث الجغرافي العربي المقدسي: عن التقسيمات الادارية في الأندلس فقال: إن في الأندلس ثماني عشرة كورة أورستاق كما في الشرق ( راجع : المقدسي: أحسن التقاسيم ص234، ابن الخطيب، الاحاطه، تحقيق محمد عبدالله عنان جـ1 ص109 ) .
(52) إلْبِيرَة (Elvira) : إلْبِيرَة: الألف فيه ألف قطع وليس بألف وصل فهو بوزن إخريطة وإن شئت بوزن كبرِيتة وبعضهم يقول بلبِيرة وربما قالوا لبيرة. تقع شرق قُرْطُبَة ، بنيت مدينتها في عهد عبد الرحمن الداخل بينها وبين غَرْناطة ستة أميال ، وهي كثيرة الأنهار والأشجار والثمار ونزلها جند دمشق، وكانت مدينة إلْبِيرَة قريبة من غَرْناطة، بينهما ستة أميال؛ أما بطرنة فقد عدها ابن سعيد من قرى بَلَنْسِية راجع (راجع : ياقوت : = معجم ، ج1 ، ص 64، المقري : نفح تحقيق احسان عباس ، دار صادر، بيروت ، حاشية رقم 2 ، ج1 ، ص 134 .
(53) إشبِيلِيّة Sevilla : إشبِيلِيّة: بالكسر ثم السكون وكسر الباء الموحدة وياء ساكنة ولام وياء خفيفة. م ، وتقع مدينة إشبِيلِيّة في الأندلس ، كانت على جانب من الأهمية أيام الفينيقيين ، اتخذها الرومان عاصمة لمقاطعة بيتيكا ، وبنو بجوارها مدينة اتاليكا ، تتصل بالمحيط الأطلنطي بنهر الوادي الكبير، فتح المسلمون إشبِيلِيّة في شعبان 94 هـ / 713 م بقيادة موسى بن نصير بعد حصار دام شهر، وأقام عليها عيسى بن عبد الله الطويل وهو أول ولاتها من المسلمين ، راجع : ياقوت : معجم ، ج1 ، ص 195 .
(54) بَاجَة: (Beja) في البرتغال وتقع على بعد 140 كيلومتراً جنوب شرقي الاشبونة وكانت تضم كورة واسعة. ، وقد عاشت مدينة باجة التقلبات العديدة التي طرأت على المنطقة في العصور الوسطى. وقد تلقّفها بنو عباد والمرابطون والمتمرد ابن قسي والموحدون وابن هود وابن محفوظ لتنتهي في العام 1238 على يد الأسبان . راجع : ياقوت : معجم ، ج1 ، ص 314 .
(55) تُدْمِير Tudmir: بالضم ثم السكون وكسر الميم وياء ساكنة وراء : من كور الأندلس، سميت باسم ملكها تُدْمِير وتقع شرقي قُرْطُبَة . ( راجع : ياقوت ، معجم البلدان ، ج2 ، ص 19 ، دائرة المعارف الإسلامية ، ج5 ، ص 16 .
(56) للمزيد راجع ، محمود إسماعيل : سوسيولوجيا ، مرجع سابق ، وشريف م، م (دراسات في الحضارة الإسلامية) ترجمة أحمد شلبي ، مكتبة النهضة المصرية، ط 2، القاهرة 1966..و طلفاح خير الله (حضارة العرب في الأندلس) دار الحرية بغداد 1977 .
(57) ابن حزم : رسائل ابن حزم الأندلسي. تحقيق": إحسان عباس. المؤسسة العربيّة للدّراسات والنشر، بيروت 1981م، ج3/ ص 174.
(58) البيان المغرب : ج3 ، ص 162 ، الذخيرة : ( تحقيق البدري) ج 3 ، ص 9.
(59 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 3 ، ص 117.
(60) محمود إسماعيل : الفكر التاريخي في الغرب الإسلامي ،ط1 ، منشورات الزمن ، المغرب 2008 م ، ، ص 70.
(61) ابن حَيَّان : المقتبس ( تحقيق مكي ، الشطر الثاني) ، ص 137.
(62) ابن حَيَّان : المقتبس ( تحقيق أنطونية ) ، ص 52 .
(63) عادل يحي عبد المنعم : النقد الاجتماعي عند المؤرخين والكتاب الأندلسيين ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب ، جامعة الزقازيق ، ص 79 .
(64) المقتبس ( تحقيق مكي ، الشطر الثاني ) ، ص 227 .
(65) راجع ، عادل عبد المنعم : النقد الاجتماعي مرجع سابق ، ص 95 .
(66 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 3 ، ص 325 ، والسلة : السرقة الخفية .
(67) لمزيد من التفاصيل ، راجع ، محمود إسماعيل : المهمشون في التاريخ الإسلامي ، دار رؤية ، 2004.
(68) نفسه ، ص 14 .
(69) نفسه ، ص 53 .
(70) أطلق على من أسلم من أهل الأندلس لحظة الفتح اسم " المسالمة "، وعلى أبنائهم اسم " المولّدون" الطاهر مكي : دراسات عن ابن حزم ، مرجع سابق ، ص 16.
(71) الموالي في الأندلس هي : طبقة تتألف غالبيتها من العبيد الذين أعتقهم مالكوهم أثناء حياتهم أو بعد موتهم بموجب وصية ، ويسمي الشخص المحرر مولى ، وكان يظل مرتبطاً بمالكه القديم أو بورثته بما يشبه الرباط العائلي الذي يلزمه بواجبات معينة نظير استفادته بالحماية المعنوية أما الاصطناع فقد كان يوجد في المجتمع الأندلسي، أنظر ، ليفي بروفنسال : اسبانيا الإسلامية ، ج1 ص 188 .
(72) راجع ، عز الدين أحمد : النشاط الاقتصادي في المغرب الإسلامي ، دار الشروق ، ط1 ، 1983 م
(73 ) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 4 ، ص 146 .
(74) ابن بَسَّام : الذخيرة ( تحقيق البدري) ج 1، ص 366 ، نقلا عن ابن حَيَّان .
(75) راجع ، إشكالية المنهج في دراسة التراث ، مرجع سابق ، ص 39.
(76 ) محمود إسماعيل ، و آمال محمد حسن : في تاريخ المغرب والأندلس ، القاهرة ، بدون ، ص 157 .
(77) مصطفى صادق الرافعي : تاريخ آداب العرب . ج3 ، مطبعة الاستقامة ، ط1 ، 1940 ، ص 331.
(78) الشكعة : الأدب الأندلسي ، دار العلم للملايين ، ط5 ، 1983 ، ص 71 .
(79) راجع ، ابن بَصَّال : كتاب الفلاحة ، ص11- 36 .
(80) لفظة إسبانيا (Hispania) أقدم اسم أطلق على شبه الجزيرة الأيبرية، وبعضهم يرده إلى أصل فينيقي معناه " ساحل الأرانب البرية " ثم قيل إن ذلك نسبة إلى اشبان (Sphan) وتحرفت الكلمة إلى أصبهان، ومن صيغ الاسم أيضاً (Hispalia) وعرب إلى إشبِيلِيّة. راجع ، المقري : نفح ، تحقيق : احسان عباس ، دار صادر، بيروت ، حاشية رقم 2 ، ج1 ، ص 134 .
(81) عبد المحسن طه رمضان : الحروب الصليبية في الأندلس . مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة ، 2001م ، ص 40.
(82 ) نفسه ، ص 14.

وبعد طول إنتظار صدر العدد الرابع من مجلة المؤرخ الالكترونية


صدر العدد الرابع من مجلة المؤرخ الالكترونية حجم الملف : 10 mgبصيغة : PDFيمكنكم تحميل العدد الرابع من موقع زيد شير

دور الشرطة في استتباب الأمن بالمغرب الأوسط " العهد الزياني نموذجا "

د. خالد بلعربي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
جامعة سيدي بلعباس

يحفل التاريخ الزياني بالكثير من القضايا والإنعطافات التي ما زالت بقعة من بقع التاريخ المنسي، فعلى الرغم من تصاعد الدراسات الكثيرة في حقل التاريخ الزياني خلال هذين العقدين الأخيرين، لا تزال بعض القضايا الخاصة بهذا التاريخ بعيدة عن مناطق الضوء، ومن هذا القبيل الدور الذي كانت تضطلع به الشرطة في عهد الدولة الزيانية،إن هذا الموضوع لم يشغل سوى مساحة قليلة في الإسطوغرافيا المغربية الوسيطية، كما أنه لم يحظ بإلتفاتة علمية تذكر من قبل الباحثين والمهتمين بتاريخ بني زيان من خلال دراسته دراسة مستقلة تستوفي جميع الشروط باستثناء بعض الإشارات الخفيفة عنه أثناء الحديث عن تاريخ الدولة الزيانية بصفة عامة، ينهض دليلا على ذلك ما كتبه الدكتور عبد العزيز فيلالي حول "تلمسان في العهد الزياني"[1] وما كتبه عطاء الله دهينة حول "المملكة العبد الوادية في عهد أبو حمو موسى الأول إلى أبو تاشفين الأول"[2]. قد يفسر هذا الإقصاء من دائرة اهتمامات الباحثين والمؤرخين بشح المادة التاريخية في المقام الأول، ذلك أن المصادر التاريخية الزيانية ضربت صفحا عن ذكر أخبار خطة صاحب الشرطة ودوره في حفظ الأمن والنظام والآداب العامة، باستثناء إشارات شاحبة وردت بكيفية عفوية في هذه المصادر، وقد يكون السلطان أبو حمو موسى الثاني (توفى سنة 791هـ) في كتابه "واسطة السلوك في سياسة الملوك" قد خرج عن قاعدة الإقصاء في الوصية التي دوّنها لإبنه من بعده عن دور صاحب الشرطة بقوله "ثم يدخل صاحب شرطتك وحكام بلد حضرتك ليخبرك بما يريد في ليلتك، ولا يخفي عليك شيء من أحوال رعيتك، وبلدك مع ضبط مملكتك، فتسأله عن القليل والكثير والجليل من الأمر والحقير، لئلا يتوصل أهل العناية للرعية مضرة ولا أذية، ولا يقع من الحاكم جور في بلد ولا ظلم لأحد، فإنه إذا علم الحاكم أو غيره من أهل العنايات وأهل الدعاوى والجنايات بأن الملك، لا يغيب عنه شيء من أحوال بلده فيمتنع كل منهم من اسطالة يده، فيقف الناس عند حدودهم"3.
تأسيسا لهذه الملاحظات المصدرية سنحاول تناول موضوع الشرطة ودورها في استتباب الأمن بالمغرب الأوسط في فترة محددة وهي مرحلة الزيانيين (ما بين القرنين 7-9/هـ13-15م) محاولين تعقب السؤالين التاليين،
كيف كان حال الوضعية الأمنية في العهد الزياني؟
ما هو دور السلطة المركزية في استتباب الأمن داخل ربوع الدولة؟
كانت الشرطة من النظم الإدارية التي عني بها الزيانيون، وقد ورثت الدولة الزيانية مثل جيرانها هذه الخطة عن الموحدين، بحيث كانت مهمة صاحبها حفظ الأمن والنظام والآداب العامة، وتتبع الجرائم وإقامة الحدود4، وقد أعطاها الزيانيون عناية خاصة إلى جانبي الحسبة والمظالم، وكان لا يتولى خطة صاحب الشرطة إلا من اتصف بالصلابة والحسم في الأمور الشرعية والسياسية حسب تعبير ابن خلدون5 وإذا كانت المصادر الزيانية قد سكتت عن إفادتنا بالفترة الزمنية التي نشأت فيها هذه الخطة، فإن الأكيد أن استفحال ظاهرة اللاأمن في بلاد المغرب الأوسط خلال العهد الزياني هو الذي دفع سلاطين بني زيان للتفكير في إنشاء خطة صاحب الشرطة حرصا منهم على تصفية عناصر الشر والفساد والجريمة واللصوصية داخل مدن الدولة، وإن كتب النوازل تجيب عن الكثير من التساؤلات المتعلقة بدفع الفساد وتأمين السبل لتؤكّد انعدام الأمن خلال هذه الفترة من ذلك ما يتضح من جواب الفقيه قاسم العقباني لمرابط يستفسر عن الإقامة في مواضع كانت سابقا بيد أهل الفساد وذلك بقوله "الحمد لله، إنّ إقامة هذا المرابط بهذا الموضع... من باب إعانة اللهفان، ودفع الفساد عن أهل الأمان ، وما أعظم المثوبة في ذلك وما هذا إلا جهاد عظيم، وشرف دائم مقيم..."6 ، كما كان يظهر انعدام الأمن خلال هذه الفترة في خطر الكثير من القبائل التي كان يحترف قطاع كبير منها اللصوصية وقطع الطرق، ويبدو ذلك من خلال الحوادث المتكررة لهجمات أولئك اللصوص على قوافل التجار والمسافرين وفي نقاط مختلفة من بلاد المغرب الأوسط، وهذا ما جعل ظاهرة إنعدام الأمن هي السائدة، ومما جاء في وصف العبدري للمرحلة المؤدية إلى تلمسان انطلاقا من أراضي المغرب الأقصى قوله " ولما انتهينا إلى المفازة التي في طريق تلمسان، وجدنا طريقا منقطعا مخوفا لا تسلكه الجموع الوافرة إلا على حذر واستعداد، وتلك المفازة مع قربها من أضرّ بقاع الأرض على المسافر لأن المجاورين لها من أوضع خلق الله وأشدهم إذابة، لا يسلم منهم صالح ولا طالح، ولا يمكن أن يجوز عليهم إلا مستعد يتفادون من شره، وطلائعهم أبدا على مرقب لا يخلو منها البتة"7.
ويصف لنا أبو العباس أحمد المعروف بالمريض وهو من المغرب الأوسط من خلال سؤال مؤرخ سنة 796 هـ إلى شيخه الفقيه أبي عبد الله بن عرفة ولأهمية هذا النص ارتأينا أن نبته كما ورد مختصرا عند المازوني قائلا "سيّدنا أمتع الله بكم من مسألة، وهي جماعة من مغربنا من العرب تبلغ ما بين فارسها وراجلها قدر عشرة آلاف أو تزيد ليس لهم حرفة إلا شن الغارات وقطع الطرقات على المساكين، وسفك دمائهم وانتهاب أموالهم بغير حق... ثم مع ذلك لا تأمن الرفاق من جانبهم، نصبوا الغارات على هذه البلاد التي نحن فيها، وقتلوا من عاجلوه وقطعوا الطرقات..."8.
لقد هيأت ظروف القهر الاقتصادي والاجتماعي المجال أمام استفحال ظاهرة اللاأمن في ربوع بلاد المغرب الأوسط خلال العهد الزياني، ومن القرائن الدالة على ذلك أن قلة المواد الغذائية الناجم عن المجاعة التي أصابت تلمسان سنة 776هـ/1373م، اضطر ابن قنفذ القسنطيني أن يقيم في تلمسان لانعدام الأمن في المسالك والطرق بسبب هذه المجاعة9، ويذهب ابراهيم حركات في هذا الاتجاه حين يؤكد أن قطاع الطرق واللصوص ينشطون خصوصا في سنوات الجدب والمجاعة بسبب تفريط السلطة في اتخاذ وسائل العلاج الاقتصادية والأمنية10 فخلال سنوات من حكم السلطان يغمراسن بن زيان (633-681هـ/1235-1282م) وعلى إثر حملة السلطان المريني أبي يعقوب سنة (670هـ/1270م) وحصاره لمدينة تلمسان "كثر نهب القبائل فخرجت قبائل توجين التي كانت مناوئة للسلطة المركزية الفرصة وراحت تعمل للنهب والتخريب بجهات تلمسان "فقطعوا الثمار، ونسفوا الآبار، وخرّبوا الربوع،وأفسدوا الزروع ولم يدعوا بتلك الجهات قوت يوم حاشا السدرة والدوم11".
لقد عانت الدولة الزيانية من أهوال الغزو الخارجي وزعزعة الأمن لفترات تطول غالبا أكثر من فترات السلم بالنظر لكثرة الفتن والصراعات وما يتبع ذلك من أعمال تخريبية واعتداءات على الأرواح، وكانت تلمسان تعد من أهم مدن المغرب الأوسط المعرضة باستمرار لهذه النكبات، ومما يذكر في هذا الصدد أن السلطان المريني أبو الحسن عندما تمكن من اقتحام مدينة تلمسان في 27 رمضان سنة 737هـ وقتل السلطان أبو تاشفين عبد الرحمن الأول (718-737هـ)، انطلقت أيدي النهب على البلد فلحقت الكثير من أهله معرة في أموالهم وحرمهم..."12
وبالرغم من أن بعض المصادر قد وضعت المجتمع الزياني بأنه كان ينعم بالحياة الاقتصادية الميسورة، إلا أن ذلك لم يمنع بعض الفئات الاجتماعية الأكثر حرمانا والعاطلة عن العمل من تهديد الأمن داخل مدينة تلمسان ووصفهم أحد الباحثين المحدثين باللصوص والشحادين في أروقة المدن 13، ويرد أحد الباحثين أن ظاهرة اللصوصية وغياب الأمن داخل المجتمع التلمساني في العهد الزياني مرده النزوح المستمر نحو العاصمة تلمسان، وقد أزعجت هذه الظاهرة محمد بن مرزوق الخطيب فعبر عنها قائلا: " تلمسان كثر فيها المنكر وقلّ فيها الحلال"14، ويضيف بأن قاضي وإمام مسجد درب مرسى الطلبة بمدينة تلمسان كان قد أمر بأن لا يخرج الصبي من دربه، إلا برفقه والده أو أحد أقاربه15 خوفا عليه من المنحرفين والسراق وبالتالي من انعدام الأمن داخل المدينة في بعض الأحيان.
بناء على ذلك نعتقد أن انتشار ظاهرة اللصوصية التي أدت إلى تهديد الأمن داخل الدولة الزيانية، لم تكن سوى إفرازا للأزمات التي مرت بها وانعكاسا للتمايز الاجتماعي الذي تمخض عنه بروز تناقضات اجتماعية، وقطاعات غير قادرة على تحصيل عيشها عاجزة عن الإندماج في عملية الإنتاج16.
أمام هذه الوضعية، ماذا فعلت الدولة الزيانية من أجل استتباب الأمن داخل مدنها؟.
لا شك أن سلاطين بني زيان قد عينوا بإقرار الأمن داخل ربوع الدولة التي كانوا يديرون شؤونها لمدة ما يزيد على ثلاثة قرون. ومن أجل ذلك أكثروا من تشيد الأسوار والأبراج والقلاع ضمانا لحماية متكاثفة للمدن والضواحي17، كما عمدوا إلى الإعتماد على الشرطة في حفظ الأمن، لقد قامت الشرطة في العهد الزياني بدور كبير وحاسم في تطبيق الأحكام الصادرة عن القاضي وصاحب المظالم، يظهر ذلك جليّا في عهد السلطان أبو حمو موسى الثاني بحيث أكد لإبنه من بعده بالإعتناء بهذه الخطة عن طريق مساءلة صاحب الشرطة في كل ليلة ما يقع داخل البلد من صغيرة وكبيرة حتى يتجنب الظلم والجور18 وكان أبو حمو موسى الثاني قد قلد هذه الخطة لموسى بن يخلف الذي كان عينا له وعليه في نفس الوقت فقد تواطأ مع ولي العهد أبي تاشفين الثاني على قتل يحي بن خلدون الكاتب الخاص لأبي حمو موسى الثاني19 وكان الولاة يقومون بمساعدة صاحب الشرطة في تأدية مهامه لكن كان صاحب الشرطة في العهد الزياني ينظر في أحكام الجرائم ابتداء ثم تنفيذ الحدود الخاصة بها، وكانت الحدود تطبق بصرامة كبيرة، بل إن الزيانيين جعلوا للأسواق شرطة خاصة بها ينفذ صاحبها أحكام المحتسب والقاضي في عين المكان لأن الحياة اليومية وأسعار الأسواق وما يتعلق بها من غش وأخطار لا تحتمل المسطرة القضائية20 ومن أجل تطبيق القوانين الصادرة عن القاضي شيد بنو زيان لهذا الغرض عدة سجون حسب أنواع السجناء وطبقاتهم، وربما كان للمجرمين سجن خاص بهم وللمعتقلين السياسيين والرهائن سجنهم فالنصوص الزيانية تشير إلى وجود عدة سجون في مدينة تلمسان، واحد بالقرب من سوق السراجين21، والثاني بالقصبة22، والثالث بدويرة بقصر المشور وغيرها وكانت حماية الطرق تحظى كذلك بعناية سلاطين الدولة الزيانية ،إذ كانت هناك مؤسسة جهوية كلما اقتضت الظروف إقامتها وتدعي ولاية الطريق وعملها شبيه بأعمال مؤسسة الشرطة الحديثة،ومسؤوليتها الرئيسية، المحافظة على أمن المسافرين وأمتعتهم والتدخل لردع اللصوص والقطاع وإقامة مراكز الاستقبال والتموين، إن الشرطة في العهد الزياني قامت بدور كبير في الحفاظ على الأمن داخل ربوع الدولة الزيانية وهذا الدور الذي اضطلعت به لم يكن لو لم يحرص سلاطين بني زيان على ذلك، واكتسبت خطة صاحب الشرطة في العهد الزياني خصوصية ميزتها عما كانت عليه عند الحفصيين أو المرينيين حيث أصبحت مقننة من خلال وصية أبي حمو موسى الثاني التي يذكر فيها " فتسأله (صاحب الشرطة) عن القليل والكثير والجليل من الأمر والحقير... لئلا يتوصل أهل العناية من للرعية مضرة ولا أدية...) وبهذا يكون السلطان أبو حمو قد أكد على ضرورة مساءلة صاحب الشرطة فيما يقع من أحداث داخل الدولة ووجوب اتخاذ جميع التدابير من أجل الحفاظ على الأمن حتى لا يلحق بالرعية أي أدى، وبالتالي جعل من خطة صاحب الشرطة مسألة خاصة بالرعية.
لهذا اضطلعت الدولة الزيانية بمهمة حفظ الأمن داخل مدنها، وكان إصرارها كبيرا في ذلك، وربما يأتي هذا الحرص منها، لأن قضية الأمن ظلت تشكل هاجس السلطة في بلاد المغرب الأوسط،لقد قام بنو زيان بتوفير كل وسائل الراحة والإطمئنان بالنسبة لسكان الدولة فتمكنوا من حماية الطرق التجارية، وإقرار الأمن داخل ربوع الدولة رغم ما كانت تتعرض له هذه الدولة من محاولات لزعزعة الأمن بداخلها، وبفضل السياسة الأمنية التي طبقها حكام بنو زيان فإن الدولة الزيانية كما يقول الأستاذ عبد الحميد حاجيات ظلت تنمو وتزدهر حتى دب فيها الضعف في القرن التاسع والعاشر23.



لهوامش
1-عبد العزيز فيلالي ، تلمسان في العهد الزياني ج 1 دار موفم للنشر والتوزيع 2002 .
2- عطاء الله دهينة،المملكة العبد الوادية في عهد أبو حمو موسى الأول إلى أبوتاشفين الأول د م ج الجزائر ( بدون تاريخ ).
3- أبو حمو موسى الثاني، كتاب واسطة السلوك في سياسة الملوك، مطبعة الدولة التونسية ، تونس 1379 هـ الموافق لـ 1862 م ص 83 .
4 – الأخضر عبدلي ، مملكة تلمسان في عهد بني زيان ، أطروحة شهادة التعمق في البحث المرحلة الثالثة ( مرقونة ) جامعة تونس ص ص 169 / 170
5- ابن حلدون عبد الرحمن ، المقدمة دار الكتاب اللبناني بيروت 1967 ص 446 .
6- العقباني أبو عبد الله محمد ، كتاب تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر تحقيق محمد علي الشنوفي ، نشر في Bulletin d’études orientales .T.X/X Année 1965 – 196 damas 1967 ص 28 .
7- العبدري البلنسي محمد ، الرحلة المغربية تحقيق أحمد بن جدو ،مطبعة البعث قسنطينة(ب ت ) ص 08 .
8- المازوني أبو زكرياء ، الدرر المكنونة في نوازل مازونة ، ج1 مخطوط رقم 1335 المكتبة الوطنية الجزائر ، ورقة 180 .
9 – ابن قنفد ، أنس الفقير وأعز الحقير ، تحقيق محمد الفاسي و أودولف فور ، مطبعة أكدال الرباط 1965 ص 105 .
10 – ابرهيم حركات ، المجتمع الإسلامي والسلطة في العصر الوسيط ، إفريقيا الشرق المغرب 1998 ص 260 .
11- ابن أبي زرع الفاسي علي ، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار وملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس ، تحقيق عبد الوهاب بن منصور ، دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط 1973 ص ص 131 – 132.
12 – ابن خلدون كتاب العبر ج 6 طبعة بيروت 1968 ص536.
13 – ابن مرزوق أبو عبد الله محمد الخطيب ، المجموع ، ميكروفيلم الخزانة العامة الرباط ورقة 19.
14- نفسه ورقة 13.
15 – نفسه ورقة 04 .
16 – ابرهيم القادري بوتشيش ظاهرة التسول في الغرب الإسلامي خلال القرن السادس /هـ ، 12 م، ضمن أعمال الملتقى الدولي في التاريخ حول التغيرات الإحتماعية في البلدان المغاربية عبر العصور جامعة قسنطينة 23 – 24 أفريل 2001 منشورات مخبر الدراسات التاريخية والفلسفية ص 178.
17- عبد العزيز فيلالي ، المرجع السابق ج 1 ص 118 .
18 – أبو حمو موسى الزياني ، المصدر السابق ص 83 .
19 – الأخضر عبدلي ، المصدر السابق ص 223 .
20 – ابن مرزوق ، المجموع ، ورقة 23 .
21 – ابن خلدون ، العبر ج 7 ص 215 .
22 – ابن مريم، البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان تحقيق عبد الرحمان طالب د م ج الجزائر 1986 ص 28
23 – عبد الحميد حاجيات المسالك والدروب في المغرب الأوسط ، المجلة العربية للثقافة الألسكو العدد 5 تونس 1983 ص 89 .

أمسية إعلامية تخليدا لليوم العالمي خليدا لليوم العالمي للمتاحف


متابعة : المؤرخ

نظم متحف الاثار بتنسيق ودعم المديرية الجهوية للثقافة بالرباط ومديرية التراث الثقافي أمسية إعلامية تخليدا لليوم العالمي للمتاحف الذي يصادف 18 ماي من كل سنة .
وهي مناسبة يدأب من خلالها العاملون بمجال التراث عامة والمتاحف خاصة على تقييم حصيلة ما يقومون به طيلة السنة لفائدة المجموعات المتحفية من التعمق في البحث عن أحدث السبل لحمايتها والعناية بها حتى تظل رمزا للأجيال القادمة من توثيق ودراسة وتصوير و ترميم ... حتى تصبح صالحة للعرض إذا طابقت المواصفات المتعارف عليها في هذا المجال أو الاحالة على المخازن للحفظ والدراسة .
هي إذن مجموعة من المهام التي تقع على عاتق محافظي المتاحف والمحافظين المساعدين وكل العاملين في هذا الحقل .
حيث تقول السيدة خديجة بورشوك محافظة متحف الاثار بالرباط لقد تم إختيار هذه الامسية لإحداث تواصل مع فعاليات المجتمع المدني والجمعيات الثقافية المهتمة والصحفيين لهدفين :
أولا من أجل مدهم بجميع المعلومات العلمية الممكنة حول جديد البحث الاثري في علاقته بالمتحف أي بمعنى آخر رصد رحلة اللقى الاثرية من الموقع إلى المتحف لتقديمها في أخر المطاف للزائر من خلال العرض .
لا شك أن العديد من الاوساط تمكنت من معرفة الاكتشافات الاخيرة من طرف البعثة الاثرية المغربية بشرق المغرب( تافوغالت ) وعلى رأسها الباحث عبد الجليل بوزكار المسؤول عن فريق البحث بمغارة " لحمام بتافوغالت "الذي حضر الامسية الاعلامية من أجل توثيق هذا الحدث ، وتقول الاساتذة خديجة بورشوك محافظة متحف الاثار بالرباط " لنا الشرف أن نحتضن الباحثين مأموريتهم وعلى عاتقنا أمانة علمية وهي مد الزائر يالمعلومات الصحيحة والدقيقة ولن يتسنى لنا ذلك إلا من خلال التنسيق معهم لمعرفة ما إستجد في إكتشافاتهم .
أما الهدف الثاني تضيف السيدة خديجة بورشوك " وهو تقريب هذه الشرائح من أهم مهام العاملين بالمتاحف والقيمين عليها ألا وهي الحماية الوقائية والتي من خلالها نجس نبض اللقية المتحفية ومدى صمودها أمام عوامل الاتلاف .
ومن هنا يحاول المتحف أن يستعين بأحدث التقنيات المتوفرة لإنجاح هذه العملية .
وتنهي السيدة المحافظة كلمتها " لقد إستفاد متحف الاثار كتجربة أولى من إتفاقية الشراكة التي ربطت ما بين وزارة الثقافة والمركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية للتعاون في مجال البحث العلمي وهي لبنة من اللبنات الاولى في مجال البحث التقني الدقيق الخاص بالصيانة الوقائية ، حيث أجرى طاقم تابع له سلسلة من الكشوفات بأشعة إكس للوقوف على مكامن التشققات بتمثال بطليموس .

تندد بهدم سور أكدال الباهية بمراكش التراث

جمعية خريجي المعهد الوطني لعـــلوم الآثـــار والتــراث (الرباط)
http://www.alinsap.org/


جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث تندد بهدم سور أكدال الباهية بمراكش التراث العالمي، في ذكرى اليوم العالمي للمباني التاريخية
رســـالة مفتوحة إلى الوطن والتاريخ

صبيحة يوم الأحد 05-4-2009م، فوجئت ساكنة مراكش ببتر جزء من جسدها المادي والروحي حين استفاقت على فاجعة اندثار السور التاريخي والأثري لما يعرف أكدال باحماد بعد أن تسللت إليه خلسة جرافات بلا عنوان في ليلة سوداء بالمدينة الحمراء فحولت بهاء أكدال قصر الباهية البهية إلى بؤس وغبن، ومن ثمة أصبح أكدال مجردا من كل معنى ومضمون. لقد أخذ السور على حين غرة وتم تجريفه عن بكرة أبيه فقضى شنقا في ساعات في ليلة لم يطلع فيها القمر على مراكش البهجة والأنوار.
لقد غادرنا الفقيد العزيز، سور أكدال باحماد بقصر الباهية بمراكش العمق والأصالة، قصر الباهية الذي أكمل بناءه باحماد بعدما كان بدأه أبوه موسى. والسور هذا يؤدي إلى باب اغمات ويمتد على طول خمسمائة (500) متر بعلو ستة (6) أمتار ويصل سمكه إلى حوالي متر. وأما باحماد هذا وموسى ذاك، فهما اتباعا حاجبي السلطان مولاي الحسن الأول والسلطان مولاي عبد العزيز، وقد خدم باحماد السلطانين معا. وهذين السلطانين جزء هام من التراث المغربي، وباحماد أحد رجالات المغرب وقصر الباهية أحد شواهد عصرهم، ومن ثمة فإن خاصياته المعمارية والعمرانية وحمولته التاريخية والرمزية لم تطبع فقط الذاكرة التاريخية والمجالية للمراكشيين وإنما تمتد إلى الذاكرة الجماعية للمغاربة وتشكل جزء من موروث وطني حلوه ومره، قبيحه وجميله. ففي التراث لا مجال لأحكام القيمة.
إلا أن ذاك الموروث الوطني الذي كان يحسب المغاربة أنه لهم وحدهم لم يعد كذلك بعد أن أقدمت منظمة اليونسكو سنة 1985م على إعلان مدينة مراكش تراثا إنسانيا ثقافيا وحين أعلنت ساحة جامع الفنا تراثا إنسانيا شفهيا سنة 2001م. مراكش العالمية بهذا المعنى الكوني تضم المباني التاريخية والدروب والدواب وحركة الناس وأصوات الآلات والحرفيين والكرابة والبراحين، ومن ثمة فمراكش لا تختزل في الكتبية وقبور السعديين وكوميسارية جامع الفنا.
وإذا كانت القوانين الدولية تعلو، عند من يحترمون أنفسهم، على القوانين المحلية، فإن لنا في المغرب قانون يستمد قدسيته من شخص الملك. ذلك أن المحافظة على المباني التاريخية والمنقولات والنقائش يحميها ظهير شريف (ظهير 22-80) لا لبس فيه ولا لف ولا دوران. وقصر الباهية وأكدال باحماد يقعان تحت هذا الظهير الشريف كما يضمن كذلك سلامتهما الجسدية والمعنوية ظهير تخصيصي صدر في 26-02-1924م بترتيب هذه المعلمة تراثا وطنيا. كل هذا لم يشفع للفقيد في شيء لدى رعاة الجهل والتجاهل.
وبهذه المناسبة الأليمة، فإن جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث انطلاقا من صلاحياتها القانونية تعلن للمسؤولين وسلطات البلاد والرأي العام الوطني بروح وطنية صادقة وعن حسن نية :
· شجبها للعمل الإجرامي الذي لحق سور أكدال قصر الباهية بمراكش في أبريل 2009م،
· مطالبتها الجهات المختصة بالمملكة بفتح تحقيق عاجل في النازلة، تحقيق نزيه وشفاف ومحايد تكون منظمة اليونسكو وجمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث طرفا أساسيا فيه،
· مطالبتها بضرورة إعادة بناء السور المهدم وفق المعايير العلمية المتعارف عليها وطنيا ودوليا، وذلك تحت إشراف مصالح وزارة الثقافة،
· رفضها واستهجانها التامين للتهميش الذي طال ويطول المصالح المختصة لوزارة الثقافة محليا ووطنيا في استهتار هجين بقطاع حيوي يحظى بعطف ملكي مكين،
· مطالبتها بتعويض رمزي عن الضرر الذي لحق الذاكرة الوطنية في غمرة احتفال البشرية جمعاء باليوم العالمي للمباني التاريخية الذي يصادف 18 أبريل من كل سنة،
· تنديدها بما تعرفه ربوع الوطن من خرق سافر للقانون المغربي بمراسيمه وظهائره من طرف مجالس منتخبة ومن طرف سلطات موكول لها حفظ النظام العام واحترام القانون و تطبيقه وزجر مخالفيه،
· تثمينها لتضحيات أطر وزارة الثقافة ولحسن تعاون بعض المجالس والسلطات المحلية والمصالح،
· تأكيدها بأن حفظ التراث والتنمية المستديمة والشاملة شيئان لا يتعارضان إلا في مخيال المضاربين العقاريين والمتاجرين بهوية ومستقبل الشعوب،
· مطالبتها للوزير الأول ووزيرة الثقافة بتنظيم حوار وطني حول الثقافة والتراث على غرار الحوار الوطني حول إعداد التراب الوطني،
· تجديد مطلبها بإحداث وكالة وطنية للتراث تعنى بالتراث في شموليته ودون تجزيء،
· تحميلها الحكومة المغربية كل تبعات تهميش الثقافة وغياب سياسة ثقافية للبلاد منذ الاستقلال،
· مناشدتها كل المواطنين والباحثين والفنانين وجمعيات المجتمع المدني التضامن مع مراكش ومع جمعيتنا ومع الهوية المغربية والذاكرة الوطنية لشجب هذا العمل المرفوض وكل ما شابهه على امتداد ربوع المملكة، داعية الجميع إلى التحلي باليقظة والإقدام لفضح المتلاعبين برموزنا الحضارية وماضينا ومستقبلنا ومتابعتهم أمام القضاء،
· مطالبتها بحق المغاربة في العيش في وطن لا مجال فيه للحصانة والتملص من العقوبة،
· حقها في الاحتفاظ بكل أشكال النضال الحضاري القانوني لصد كل مظاهر تدمير وتشويه الحضارة المغربية بكل تجلياتها ومكوناتها ورموزها.

حرر بالجديدة في 24-4-2009م

رئيس جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث
أبوالقـــاسم الشـــــبري
Site web : http://www.alinsap.org/
e-mail : alinsap@gmx.fr


***************************
جمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث جمعية وطنية تأسست بالرباط سنة 1991م واشتغلت على مجالات التراث المادي والإتنولوجي بالمغرب على امتداد ربوع المملكة، وتعاقب على تسييرها تسعة مكاتب منتخبة. وتضم في عضويتها الشرفية، على سبيل الذكر، السيدة والسادة جودية حصار بنسليمان (المديرة المؤسسة لمعهد الآثار)، عبد العزيز توري (الكاتب العام السابق لوزارة الثقافة)، أحمد بوكوس (عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حاليا)، مصطفى عياد (أستاذ جامعي وفنان)، عمار أكراز (مدير معهد الآثار حاليا).

العثور على أكبر مجموعة للحلي تعد الأقدم في العالم

بفضل تضافر مجموعة من الأبحاث التي اعتمدت على تخصصات مختلفة كالفيزياء النووية والكيمياء والدراسة المجهرية للمنظومة الخلوية والدراسة التصنيفية والتقنية للأدوات الحجرية وعلم الآثار،تم اكتشاف أكبر مجموعة لحلي ما قبل التاريخ تعد الأقدم في العالم،جعلت مجموعة من الكتابات العلمية الرصينة ، سواء المتخصصة أو الموجهة إلى الجمهور ، تعيد حساباتها ، كما أثبت الاكتشاف أن التواجد البشري بالمغرب قديم يعود إلى ما يفوق مليون سنة قبل التاريخ .

بمغارة الحمام بتافوغالت

العثور على أكبر مجموعة للحلي تعد الأقدم في العالم

عبد الواحد المهتاني :

عثر فريق مغربي –بريطاني على 47 قوقعة بحرية بمغارة الحمام بتافوغالت الواقعة ببني إزناسن وتبعد عن مدينة بركان بحوالي 20 كيلومترا .
هذه القوقعات أو الصدفيات استعملت كحلي وتم طلاء البعض منها بالمغرة الحمراء بمستويات أركيولوجية تعود إلى العطيري ( الإنسان العاقل بشمال أفريقيا ) ، وحسب آخر المعطيات – التي ستنشر نتائجها ، خلال أسابيع ، مجلة علمية متخصصة – فإن تاريخ العطيري ، يعود على الأقل إلى حوالي 110 آلاف سنة .
وفي تصريح للمساء أشار عبد الجليل بوزوكار، المسؤول عن فريق البحث إلى أن هذا النوع من الحلي ظهر في أوروبا في وقت متأخر ، أي حوالي 40 ألف سنة ، مما يعني أن القطع المكتشفة بالمغرب أقدم منها بحوالي 60 ألف سنة ، وبالتالي فهناك احتمال أن يكون قد وصل إليها عبر مضيق شمال إفريقيا .
وأضاف الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث أن هذا النوع الجديد من اللقى سبق وأن عثر عليها بجنوب إفريقيا بموقع بلومبوس ، ويتكون من 41 قطعة يعود تاريخها إلى حوالي 75 ألف سنة ، وبموقع وادي جبانة بالجزائر ويعود تاريخها إلى حوالي 35 ألف سنة،و بموقع سخول بفلسطين، مبرزا أن ما يميز هذه الاكتشافات أنها وجدت بمناطق مغربية مختلفة ومتباعدة ،وبذلك يقول الباحث – يظل المغرب – البلد الوحيد في العالم الذي تم العثور به مؤخرا على هذا النوع من اللقى في العديد من مواقع ما قبل التاريخ كمغارة الغفص بناحية وجدة وكهف بيزمون بجبل الحديد بنواحي الصويرة ، وإلى عهد قريب ، اعتبرت مغارة بلومبوس بجنوب إفريقيا ، سالفة الذكر، الموقع الوحيد في العالم الذي تم الكشف فيه عن عدد من اللقى وصل إلى 41 قطعة. بينما العدد الذي تم العثور عليه بمغارة الحمام بتافوغالت يصل إلى 47 قطعة والتي يفوق تاريخها ما أسفرت عنه تنقيبات بلومبوس.
واستنادا إلى هذه المعطيات الجديدة، أصبح المغرب يتوفر على أكبر مجموعة من حلي ما قبل التاريخ والتي تعد أيضا الأقدم على الإطلاق، حيث يفوق تاريخها بكثير 82 ألف سنة إلى حد الآن، مع أن المغرب يعد حديث العهد بالحفريات الأثرية مقارنة بالجزائر أو جنوب إفريقيا أو فلسطين التي انطلقت فيها الحفريات منذ الانتداب البريطاني.
وحسب عبد الجليل بوزوكار، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث والمسؤول عن الفريق العلمي، فإن الإطار الستراتيغرافي والكرونولوجي لهذه اللقى الجديدة يظهر بوضوح أن صناعة واستعمال الحلي بموقع مغارة الحمام بتافوغالت هما تقليد دام لعدة قرون ولم ينحصر في مدة معينة، وعلى الأرجح فعمرها أكثر من 100 ألف سنة.
وتندرج مسألة استعمال القواقع البحرية من نوع ناساريوس وجيبوسيلوس كحلي في إطار إشكالية علمية يطرحها الباحثون حول الاستعمالات الأولى للرموز،حيث يظن العديد من الدارسين أن القواقع البحرية التي استعملت كحلي هي الدليل على وجود فكر رمزي وبروز التجمعات الإثنية، بمعنى وجود لغة ومجموعة بشرية لها نفس العادات ونفس التقاليد.
ويوضح محدثنا الأهمية الرمزية لهذه القواقع، بالقول إن مغارة الحمام بعيدة عن البحر إلى ما بين 40 و50 كلم، وهي مسافة لم تتغير على مر التاريخ، وكان هذا الإنسان العطيري، أي العاقل، يذهب إلى هذا النوع من القواقع أو الصدفيات دون غيرها،واستعمل نفس الرموز عليها، وتم طلاؤها بصباغة حمراء، وهي صباغة طبيعية تتكون من أكسيد الحديد وترتبط بنوع معين من التربة، مشيرا إلى أن فريق البحث عثر عليها في تربة رمادية، مما يعني أنها لم تأخذ لونها من التراب الذي اندفنت فيه، ومبرزا أنها تحمل ثقوبا حتى تستعمل كقلادات أو أساور وربما على الثياب، وأكد نفس هذه الرموز تشترك فيها الاكتشافات الأخرى المسجلة في باقي البلدان المشار إليها.
وحسب نيك بارطون،أستاذ باحث بمعهد الآثار بجامعة أكسفورد وعضو الفريق العلمي، فإن هذه الاكتشافات الجديدة بالغة الأهمية لأنها توضح أن صناعة هذه الحلي بالقارة كانت بمثابة نشاط قديم جدا وعرف إلى حد الآن بنقطتين متباعدتين من إفريقيا ، على الأرجح.منذ 110 آلاف سنة تقريبا.
و كشفت الحفريات الأثرية التي أجريت بمغارة الحمام بتافوغالت مابين 20مارس و21 أبريل2009،عن وجود المزيد من الهياكل العظمية التي يعود تاريخها حسب آخر المعطيات، إلى حوالي 12500سنة، وهي فترة توازي العصر الحجري القديم الأعلى .ومنذ انطلاق الأبحاث بهذا الموقع خلال سنوات الأربعينات من القرن الماضي،فقد تم العثور،إلى حد الآن،على حوالي 200 هيكل عظمي، لتعد مغارة الحمام بتافوغالت بذلك من بين أهم مدافن العصر الحجري القديمالأعلى بشمال إفريقيا.وقد توقف البحث بهذه المغارة سنة 1977، ولم تخرج من طور النسيان إلا بعد سنة 2003، في سياق تنظيم طلب عروض لدعم الأبحاث على الصعيد الوطني: الطب، الجينيتيك، الفيزياء، الكيمياء،... فتقدم فريق البحث بملف، أخد بعين الاعتبار، ليستفيد من دعم المركز الوطني للبحث العلمي والتقني بالمغرب في إطار البرنامج الموضوعاتي لدعم البحث العلمي بتعاون مع معهد الآثار بأكسفورد، ومتحف التاريخ الطبيعي بلندن ومختبر مصادر المعادن الهيدروجيولوجيا والبيئة بكلية العلوم بوجدة والمتحف الأثري بماينس وبدعم جمعية أصدقاء تافوغالت، إضافة إلى المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث.

بينما وزارة الثقافة تحتفل مع " لاماب " باكتشاف مجاري مياه طينية رمي مدافع أثرية في الزبالة بآسفي

المهدي الكراوي

وضع أعوان بمندوبية وزارة الثقافة بآسفي مدافع أثرية قديمة تعود إلى فترة ما قبل القرن ال16 عشر الميلادي في مكان مخصص للزبالة بجانب متلاشيات من قنينات حديدية لمشروبات غازية وآخرى لمشتقات حليب وبعض الاتربة وأكياس بلاستيكية .
ويعد هذا العمل الثاني من نوعه بعد أن كانت المدافع الاثرية مرمية بحديقة مهجورة بالفضاء العام خلف إدارة مندوبية الثقافة ، قبل أن يتم ترحيلها إثر نشر صورة لها بإحدى الصحف الوطنية سنة 2005 ، ليتقرر نقلها إلى مقر إدارة مندوبية الثقافة بفضاء دار السلطان .
وحسب مصدر من مندوبية وزارة الثقافة بآسفي ، فإن المدافع تم نقلها من الشارع بناء على تعليمات توصلت بها المندوبية ، وتم وضعها في مكان مهجور لأسباب غير واضحة ، مضيفا أنه يجهل إلى حد الان لماذا لم يتم ترميمها أو تثبيتها بأحد أبراج السور البرتغالي .
وتشير أنباء ذات صلة إلى أن المدفعين الاثريين كانا مثبتين على الارض بشكل عمودي ، كمظهر من مظاهر الزينة كان جار به العمل ، وأنه وقت إزالتهما بعد إصلاحات بجوار مندوبية وزارة الثقافة ، تم الاستغناء عنهما ورميهما في الشارع ، وفي وقت تحتفل فيه مندوبية وزارة الثقافة مع وكالة الانباء الرسمية " لاماب" بإكتشاف مجاري مياه طينية بأحد المنازل الايلة للسقوط بالمدينة القديمة ، يتم تهميش التراث العسكري للحقبة الموحدية و البرتغالية والسعدية والمرينية والعلوية ، حيث عرفت آسفي عبر تاريخها تعاقب قطع سلاح ثقيل لأغلب العائلات التي حكمت المغرب فوق أبراجها وصحونها وسورها العسكري الذي شيده البرتغال على أنقاض السور الموحدي .
معلوم أن حفريات كانت قد تم إجهاضها بعدد من المواقع الاثرية بآسفي ولم تتدخل وزارة الثقافة لإنقاذ إرث معماري وهندسي رفيع القيمة ، لفسح المجال أمام مقاولات عقارية لبناء عمارات سكنية فوق موقع لالة هنية الحمرية الذي صنفه تقرير لباحثين في معهد الاثار " كأهم وأغنى المواقع الحضرية الموحدية ولما قبل الحقبة الاسلامية بتوفره على النماذج الخزفية الملونة الاولى وعلى مخازن الحبوب تحت الارضية وعلى القرميد الاحمر وعلى المطاحن الحجرية الاولى " التي تم طمسها أمام أعين الجميع ، في حين يتم الاحتفال بإكتشاف مجار طينية تتواجد في كل الدور السكنية القديمة لآسفي .
المساء : العدد 702 الاربعاء 24 دجنبر 2008

وزارة الثقافة تقيم متحفا لإبن بطوطة بطنجة



الدراسات تجرى حاليا ونحات سوري إختير لبناء النصب تذكاري للرحالة الشهير
تعتزم وزارة الثقافة إقامة متحف وطني لتخليد الرحالة المغربي الشهير إبن بطوطة . وكشفت المصادر من داخل الوزارة أن الدراسات تجري حاليا لإقامة المتحف في مدينة طنجة ، وأشار أن الاختيار وقع على النحات السوري المقيم في أسبانيا عاصم باشا لبناء نصب تذكاري للرحالة .
وكان أحمد كويطع ، الكاتب العام لوزارة الثقافة المغربية ، قد أعلن على هامش ندوة الرحالة العرب والمسلمون .. إكتشاف الذات والاخر التي إستضافتها الرباط ، أول أمس الاحد ، أن ثريا جبران ، وزيرة الثقافة قد وافقت على إقامة متحف وطني لإبن بطوطة .
وجاء إعلان كويطع كرد على دعوة الكاتل والدبلوماسي المغربي عبد الهادي التازي الذي دعا في إفتتاح الندوة ، إلى إقامة متحف يضم كل ما يخص إبن بطوطة ، وقال إن العرب يجهلون قيمته رغم ترجمة رحلته إلى 50 لغة ، وكانت آخرها هي اللغة الصينية ، وأضاف التازي قائلا " لو كانت أمريكا تملك إبن بطوطة لكان له شأن عالمي آخر ".
وبحسب المصادر ، فإنه يتوقع أن يضم المتحف عشرات المخطوطات ، التي كتبها إبن بطوطة في رحلاته التي شملت كثيرا من البلدان وخرائطا للدول التي زارها والترجمات المختلفة لرحلاته والتحقيقات والدراسات العربية المختلفة لرحلاته التي بدأت من المغرب إلى بلاد الشرق الاقصى .
ونقلت "رويترز" عن الشاعر السوري نوري الجراح ،وهو من المركز العربي للأدب الجغرافي – ارتياد الافاق ،قوله إن المركز ومقره أبو ظبي ولندن سيمد المتحف بطبعات حديثة لرحلات ابن بطوطة التي نشرت في الاونة الاخيرة وفاز بعضها بجوائز ابن بطوطة للأدب الجغرافي التي تمنح سنويا منذ عام 2003 .
يشار إلى أن الندوة ، التي استمرت إشغالها ثلاثة أيام ، شارك فيها نحو 50 باحثا عربيا معظمهم من الفائزين بجوائز ابن بطوطة للأدب الجغرافي التي تهدف إلى تشجيع أعمال التحقيق والتأليف والبحث في أدب السفر والرحلات ويمنحها سنويا المركز العربي للأدب الجغرافي – ارتياد الافاق برعاية الشاعر الاماراتي محمد أحمد السويدي .
ويمنح المركز جوائز ابن بطوطة سنويا في خمسة فروع هي ( تحقيق الرحلات ) و ( الرحلة المعاصر ) و ( الرحلة الصحفية ) و ( اليوميات ) و (الدراسات في أدب الرحلة ) .
وأوصت الندوة بالاهتمام بأدب الرحلة الذي كتبته نساء كن زوجات لسفراء دول عربية وإسلامية في أوربا وكيف كانت رؤيتهن للعالم الجديد المختلف بالضرورة عن العالم الذي ينتمين إليه ، إضافة إلى حث الباحثين على دراسة أدب الرحلة من جوانبه المختلفة الاسلوبية والحضارية .
كما أشار الجراح إلى أن الاهتمام بهذا النوع من الكتابة هو نوع من ترميم الذاكرة العربية في مواجهة ما سماه عوامل تجريف للهوية والذاكرة .

الجريدة الاولى : العدد 314 الثلاثاء 26 ماي 2009

59 مليون جنيه تكلفة ترميم 5 مشروعات أثرية


كتبت سارة سند
يفتتح الدكتور زاهى حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار فى الثامنة والنصف مساء الخميس 17 سبتمبر الجارى خمسة مشروعات فى مجال الآثار الإسلامية بالقاهرة، وتشمل مسجدى الإمام الليث والست مسكة ومنزل على لبيب وساحة بئر يوسف والمرحلة الأولى من مشروع إنارة القلعة. وأضاف أن هذه المشروعات تكلفت حوالى تسعة وخمسين مليون جنيه، وتأتى فى إطار الحفاظ على الآثار الإسلامية خاصة فى مناطق التجمعات ذات الكثافات السكانية المرتفعة والمزدحمة. وأشار حواس إلى أن الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف والدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة سيشاركان فى افتتاح هذه المشروعات، بالإضافة إلى قيادات المجلس الأعلى للآثار .

اكتشافات أثرية جديدة في تل العمارنة تعود للعصر البرونزي


تمكنت البعثة الأثرية الإسبانية خلال أعمالها التنقيبية للموسم الحالي في موقع تل العمارنة الأثري في منطقة سد الفرات الأعلى في جرابلس من اكتشاف بيوت تعود إلى العصر البرونزي إضافة إلى اكتشافات أخرى.
ورجح الباحث الأثري قيس عبود أن تكون هذه البيوت مصنعاً للنبيذ بدليل وجود بذور العنب داخلها كما أن اكتشاف أرضيات مرصوفة بالحصى النهري والكسر الفخاري في المكان يدل على تطور فن العمارة آنذاك مشيراً إلى أنه تم أيضاً اكتشاف دمى طينية وبشرية لها وجه دجاجة وجرار فخارية هي قيد الترميم والدراسة وأوضح الدكتور يوسف كنجو رئيس شعبة التنقيبات الأثرية في مديرية آثار ومتاحف حلب أن أعمال التنقيب الأثري في موقع تل العمارنة التي بدأت عام 2007 تبشر باكتشافات هامة لازلنا في بدايتها ولاسيما أن الموقع عاصر معظم الفترات التاريخية الهامة من البرونز إلى الحديد والهيلنيستي والروماني والإسلامي وأن أغلب التلال الأثرية السورية عاصرت عدة فترات تاريخية.


المصدر : حلب-سانا